من الأمور المسلم بها في مجال التاريخ والتأليف أنه كثيراً ما تختلف الآراء وتتناقض الأقوال حول بعض المسائل غير الواضحة التي عادة ما تبقى مثاراً للجدل والنقاش حتى يأتي من يضع النقاط على الحروف ويزيل الغموض بالأدلة والبراهين ,فيقطع الشك باليقين .
نقول هذا كمدخل للحديث عن مسألة الاختلاف في نسب بجيلة حيث قال البعض من النسابين إنها من قبائل الأزد القحطانية وذلك نسبة إلى أنمار . بن أراش .بن عمرو. بن الغوث . بن النبت . بن مالك . بن زيد .بن كهلان . بن سبأ بينما أكد اغلب المؤرخين والنسابين على صحة انتساب قبيلة بجيلة إلى أنمار . بن نزار . بن معد . بن عدنا ن . وقد استدلوا على صحة هذا النسب عند الإطلاع على قصة المنافرة التي حدثت قبل الإسلام بين جرير بن عبد الله البجلي ورجلاً من اليمن يدعى خالد بن ارطأة الكلبي . وكان سببها اعتداء رجل من بني كلب ,على رجلاً من بني بجيلة وعلى أثر ذلك حدثت المنافرة والخصومة أمام حكم العرب . الأقرع بن حابس التميمي بدأها جرير بالمفاخرة بقبيلة بجيلة.
ثم بدأ عمرو بن الخثارم البجلي بتلاوة الأبيات الشعرية التي قال فيها يا اقرع بن حابس يا اقرع انك ان يصرع أخوك تصرع وقال عمرو أيضاَ ابني نزار انصرا أخاكما إن أبي وجدته أباكما .وكما يتضح من هذه الأرجوزة . وفحواها أن عمرو بن الخثارم البجلي جعل نفسه أخا للأقرع بن حابس التميمي وهو عدنا ني النسب إذاً وعلى هذا الأساس من الوضوح والمصداقية فإن جميع الأدلة والبراهين تؤكدو بما لا يدع مجالاً للشك صحت انتساب قبيلة بجيلة إلى أنمار بن نزار بن معد بن عدنا ن وقد فسر أكثر النسابين والمؤرخين مسألة الخلاف في النسب لكون البعض من أبناء بجيلة استوطنوا السروات من الحجاز إلى حدود اليمن فأنتسبوا عن جهلاً منهم إلى أنما ر بن أراش وفي ذلك قيل تيامنت بجيلة هذا مع الأخذ بألأعتبار إن قول عمرو بن الخثارم البجلي هو الأرجح والأصدق من قول البعض من المؤرخين والنسابين الذين كثيراً ما تختلف أرائهم وتتناقض أقوالهم والشواهد موجودة في مؤلفاتهم وبصورة أوضح نقول أن عمرو بن الخثارم البجلي هو بلا شك أدرى وأعرف من غيره بنسب بجيلة والتي تواصلت أنسابها وتناسلت بطونها حتى أصبحت تعرف باسم بني مالك حيث ثبت في المصادر والمراجع التاريخية أن اسم بني مالك حل محل بجيلة منذ عام ألف ومائة هجرية وذلك نسبة إلى مالك بن سعد بن نذير بن قسر بن عبقر بن انمار بن نزار بن معد بن عدنان وهذا هو النسب الصحيح لقبيلة بني مالك الحجاز الواقعة جنوب الطائف وعليه تكون قبيلة بني مالك قد جمعت شرف النسب والحسب من أطرافه , وهذا منتهى الفخر والاعتزاز لكل من ينتمي إلى هذه القبيلة التي تستمد حاضرها المجيد من ماضيها التليد , وكما سبقت الإشارة فقد تفرعت شجرة القبائل العدنانية من أولاد نزار بن معد بن عدنان _ومنهم ( أنمار ) الذي أنجب خمسة أولاد هم عبقر و خزيمة والغوث و صهيبة وأمهم :
بجيلة بنت سعد العشيرة من قحطان ,أما الابن الخامس لأنمار فهو (خثعم ) وأمه هي هند بنت مالك بن الغافق بن الشاهد .هذا و قد غلب أسم (بجيلة ) على أولادها الأربعة المذكورين فقيل : بنو بجيلة . وكان أنمار قد رحل من مكة فاستقر بنوه ((بجيلة و خثعم )) في سراة الحجاز جنوب الطائف ثم افترقوا على إثر نزاع حدث بين القبيلتين فنزحت قبيلة خثعم إلى حدود اليمن حيث استقرت في ( تبالة ).,,,
ملاحظة: قيل إن هذه الأبيات قالها الصحابي جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه والله أعلم.
لا يغلب اليوم فتى والاكما
يابني نزار انصرا اخاكـــما
إن أبي وجدته اباكمــــــــا
ولم أجد لي نسبا سواكمــا
غيث ربيع سط نداكمــــــا
حين يحل الناس في مرعاكما
أنتم سرور عين من رآكمـا
قد ملئت فما ترا سواكــــما
قد فاز يوم الفخر من دعاكما
ولايعــــــــــد أحد حصاكمــا
وإن بنوا لم يدركوا بناكمـــا
مجد بناه لكم اباكــــــــمـــا
ذاك ومن ينصره مثلاكمــا
وما إذا ماسعرت ناركمـــا
* فخوذ القبيلة :ـ
قبيلة بني مالك الحجاز من كبرى القبائل في الجزيرة العربية وأقدمها , وهي ذات مكانة تاريخية حيث كانت تعرف قبل الإسلام باسم (بجيلة ) وفي صدر الإسلام عرفت باسم (سراة بني جرير ) نسبة إلى الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي .. وفي ذلك قال الشاعر ابن نوفل :
تمنى الفخر في قيس وقسر كذالك من سراة بني جرير
ولقد مرت بجيلة بمراحل التغيرات الزمنية حتى أصبحت تعرف باسم (بني مالك ) في القرن الحادي عشر ..أي منذ عام 1100هـ وذلك نسبة إلى مالك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار بن نزار بن معد بن عدنان ..