لا تسأل عن خاطب ابنتك في مقر عمله..!.
- العادات والتقاليد الثقافه والتراث
- 20/8/2013
- 1942
- جدة، تحقيق- منى الحيدري ( جريدة الرياض)
لا تسأل عن خاطب ابنتك في مقر عمله..!.
تُعدُّ عمليَّة السؤال عن الخاطب أولى الخطوات على سُلَّم الأمان الذي يصل بالعروسين إلى عش الزوجيَّة الهادئ، وعندما يتقدَّم الشاب لخطبة فتاة أحلامه من ولي أمرها فإنَّ جهة عمله عادةً ما تكون احدى أهم الأماكن التي يبحث فيها والد الفتاة عن إجابات شافية للعديد من الأسئلة التي يرغب من خلالها في إصدار قرار الموافقة من عدمها على ارتباط ذلك الخاطب بابنته، وفي ظل تسارع الخُطى في الحياة العملية وعمليتي الشد والجزر التي قد تشهدها علاقة الرئيس بالمرؤوس، فإنَّ شهادة المدير هنا وإبداءه لرأيه الشخصي في الموظف الخاطب قد تكون أحياناً بمثابة الضربة القاضية التي تقضي على كافَّة أحلامه وتبعده إلى الأبد عن طريق من كان يطمح في الاقتران بها واتخاذها شريكةً لحياته وأُماً لأولاده، وخاصَّة إذا كانت هذه الشهادة تحمل في طياتها بعض الغموض أو جانباً من الأمور السلبيَّة، ويزداد الأمر سوءاً عندما لا تحظى هذه الشهادة بالمصداقيَّة نتيجة عدم التوافق بين الطرفين.
د. خالد الحليبي
السؤال عن الخاطب
في البداية وجَّه "د. خالد بن سعود الحليبي" - رئيس مركز التنمية الأسرية بالإحساء- حديثه إلى والد الفتاة المخطوبة قائلاً: "إنَّ خاطب ابنتك هو الذي سيرافقها طيلة حياتها، ولذا لا بُدَّ أن يكون جديراً بها"، مُضيفاً أنَّ على والد الفتاة هنا ألاَّ يُزوَّجها إلاَّ لمن يكون متأكداً من أنَّه قادر على رعايتها وحمايتها، مُشيراً إلى أنَّ عمليَّة السؤال عن الخاطب لا يجب أن تكون في اتجاه واحد، كالمسجد مثلاً، لافتاً إلى وجود من يحرص على أداء الصلوات الخمس في المسجد ومع ذلك فهو من أكثر الناس ظلماً لغيره، مُوضحاً أنَّ عمليَّة السؤال عن الخاطب يجب أن تتم عبر استقصاء آراء العديد من المُحيطين به؛ من أجل تكوين صورة كاملة عنه، مُعللاً ذلك بأنَّ السؤال عنه في أوساط عائلته قد يجعلهم يجاملونه بنعته بصفات قد لا تكون متوفرةً فيه على سبيل المُجاملة، كما أنَّ السؤال عنه لدى أصدقائه قد يجعلهم يُخفون بعض الحقائق، مُبيِّناً أنَّ عمليَّة السؤال عنه من خلال جهة عمله التي قد تكون مليئةً بالصراعات الوظيفيَّة تبقى من الأمور المحفوفة بالمخاطر، لافتاً إلى أنَّ السؤال عن الخاطب في مقر عمله إجراء مهم، إلاَّ أنَّه من الضروري أن يكون ذلك بشكلٍ مُوسَّع عبر أكثر من شخص، على ألاَّ يقتصر ذلك على المدير أو احد الزملاء فقط.
أسئلة عامة
وأشار "د. تركي بن عبدالرحمن الخليفة" - رئيس قسم الاستشارات بمركز التنمية الأسرية بالأحساء- إلى أنَّ بعض الآباء قد يعيش في قلق وحيرة عندما يتقدَّم شاب لخطبة ابنته؛ وذلك لأنَّه يرى أنَّ الأمر يتطلَّب التحرِّي والسؤال عنه وعن شخصيته، إلى جانب الحصول على بعض المعلومات عن حياته الخاصة والعمليَّة والسلوكية، لكون الأب هنا يريد أن يطمئن بشكل كبير عند اتخاذ قراره بالموافقة من عدمها حول اختيار شريك حياة ابنته، مُضيفاً أنَّ الآباء هنا على طرفي نقيض، مُوضحاً أنَّ منهم من يطيل مرحلة السؤال ويُكثر من التدقيق والتحقيق والمتابعة والملاحقة والتفتيش في الماضي والحاضر، حتَّى أنَّه قد يَرُدّ كُلَّ خاطب ويصد كل طالب للزواج من ابنته، لافتاً إلى أنَّ الصنف الآخر من الآباء قد لا يسأل عن الشاب المُتقدِّم لخطبة ابنته إلاَّ الأسئلة العامة التي تنحصر في السؤال عن الوظيفة والعائلة وتوفُّر السكن، مُبدياً تعجبه من شكوى أسرة الفتاة بعد زواجها من أنَّ زوجها لا يصلِّي أو لا يصوم أو أنَّه بخيل جداً أو أنَّه مريض نفسياً أو أنَّه انطوائي، إلى جانب وجود من يتذمر من أنَّ هذا الزوج كثير الضيوف واللقاءات أو أنَّ صحبته سيئة أو أنَّه مدمن مخدرات، وغير ذلك من السلوكيَّات التي يُمكن التحقُّق منها والسؤال عنها قبل أن يقترن هذا الزوج بابنتهم.
وأضاف أنَّه عندما يتم سؤال أسرة الفتاة عن عدم اكتشافهم وجود تلك الصفات السلبيَّة السابقة لدى زوج ابنتهم منذ وقتٍ مبكِّر، فإنَّهم عادةً ما يُرجعون ذلك إلى عدم الدِّقَة في عمليَّة السؤال عن الزوج قبل أن يرتبط بابنتهم، مُشيراً إلى أنَّ زيادة نسبة الطلاق أثناء السنوات الأولى من الزواج تعود إلى عدم السؤال الجاد من قِبل الأهل عن الشاب عند تقدُّمه للزواج من ابنتهم، مُوضحاً أنَّ على الآباء عدم التسرُّع في قبول من طرق بابهم لخطبة ابنتهم، مُشدِّداً على ضرورة الحرص والسؤال عن الخاطب من خلال المسجد بسؤال الإمام وبعض جماعة المسجد، إلى جانب السؤال عنه عن طريق جهة عمله بسؤال المسؤول المباشر عنه، وسؤال أكثر من موظف من العاملين معه، إضافةً إلى السؤال عنه عن طريق الجيران الأقارب والأباعد والزملاء والأصدقاء.
د. أحمد المعبي
ولفت إلى أنَّه يُؤخذ على وسيلة السؤال عن الخاطب في جهة عمله أنَّها من الأمور غير النظاميَّة، مُضيفاً أنَّها تتضمَّن إفشاء بعض أسرار العمل، إلى جانب أنَّها تكون عُرضةً للتأثُّر بالعلاقات الشخصيَّة، وخاصَّةً عند وجود بعض المُشكلات والصراعات بين الأفراد داخل القطاع نفسه، وكذلك عند عدم وجود توافق بين المدير والموظف، مُوضحاً أنَّ ذلك يدعو إلى إيقاف العمل بهذه الطريقة والاستفادة من وسيلة الرؤية الشرعيَّة، أو مُحاولة تطويرها ورفع فاعليتها، وفي حال تمَّ الأخذ بخيار التطوير فإنَّه يُمكن إدخال العديد من التحسينات على هذه الوسيلة، ومن ذلك العمل على تقنينها نظامياً، ووضع ضوابط تضمن أداءها للغرض الذي استخدمت من أجله، وقصرها على المعلومات الموضوعية فقط، مثل: معرفة مقدار الراتب، والمرتبة، والمؤهل العلمي، والمنصب، مُشيراً إلى ضرورة التنبُّه إلى أنَّها تُعدُّ معلومات عن الماضي، وقد تُفسر المستقبل وقد لا تفسره، حيث انَّ الإنسان يتغير إمَّا إلى الأحسن أو إلى الأسوأ، كما أنَّها مؤشر فقط يجب أن تدعمه معلومات إضافيَّة، ومن ذلك الرؤية الشرعية وفحص ما قبل الزواج، مُشدِّداً على أهميَّة أن يتم التعامل معها بكامل السريَّة، وأن تكون شفويَّةً قدر الإمكان؛ للحيلولة من تسرُّبها لوسائل التواصل الاجتماعي، على أن يتم ابتكار وسائل جديدة لجمع المعلومات، عن طريق إنشاء جمعيَّات خيرية وسيطة لهذا الغرض.
قدامى الموظفين
وشرح "محمد البيشي" -مُتخصِّص في التنمية البشريَّة- أساليب التعامل الحديثة في قطاعات العمل المختلفة وذلك لتجنُّب الصراع الذي قد ينشأ بين الجيل الحديث وقدامى الموظفين، والذي قد يكون أحد أسباب تفشي ظاهرة إفشال مشاريع الزواج، وذلك بقوله :"إنَّ للموظفين القُدامى أدبيَّات علميَّة تندرج تحت مسمى:التعامل مع قُدامى الموظفين"، مُضيفاً أنَّه يوجد في إدارة المعرفة اهتمام بخبرات قُدامى الموظفين وتوثيقها ونشرها، كما أنَّ في إرثنا الثقافي والاجتماعي ما يدعو إلى احترام الكبير، مُوضحاً أنَّه يوجد لدى الشباب الطاقة والحماس، كما يوجد لدى الكبار التجربة والحكمة، مُشيراً إلى حاجة العديد من الجهات والمُنظَّمات إلى قُدامى الموظفين، ومن ذلك: الطب والجامعات، كما أنَّ هناك مجالات ومُنظَّمات أخرى تحتاج إلى وجود الشباب، مثل: الرياضة والجانب الميداني والتنفيذي في العمل العسكري، لافتاً إلى وجود مجالات ومُنظَّمات أخرى تحتاج إلى التكامل بين الخبرة والحيوية، ذاكراً أنَّه رغم وجود العديد من المنظمات والجهات التي تتناغم فيها هذه الأجيال إلاَّ أنَّه قد يوجد ضمنها بعض حالات الصراع بين الجيل القديم والحديث، ولذا فإنَّه يجب أن يُحكم المدراء هذه العلاقة بحيث لا تضر بمصلحة العمل، وذلك باتخاذ العديد من الوسائل، ومن بينها العمل على تجريم سلوك الصراع بسبب فارق العمر وجعله مخالفة يُعاقب عليها مرتكبها، مثل التعامل مع التمييز العنصري بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الوزن، وتنظيم حملات توعويَّة يتم عبرها توضيح أهميَّة التكامل بين الأجيال، ونبذ الصراع والفرقة، إلى جانب إيجاد فعاليات تجمع الأجيال، مثل الرحلات والنشاطات الرياضيَّة أو الثقافيَّة، وكذلك الحرص عند تشكيل فرق العمل وتوزيع المكاتب على ألاَّ يكون هناك فصل بين الأجيال، والرفع من شأن قدامى الموظفين وتكريمهم ووضعهم في مناصب ولجان تليق بمكانتهم، وإشراك قُدامى الموظفين في تقييم أداء الموظفين، واختيار القيادات الجديدة، والتأكيد على منح الجميع فرصا عادلة، ومنع الاستحواذ الجائر لأيّ جيل، إضافةً إلى التأسيس العلمي والقانوني للقرارات، والبعد عن العنتريات من أيّ طرف.
شهادة زور
وأكَّد "د.أحمد المعبي" -عضو المحكمين، ومأذون شرعي- على أنَّ الحظ قد يلعب أحياناً دوراً كبيراً في إظهار صورة الخاطب بالشكل اللائق أمام أهل العروس، مُوضحاً أنَّ مديره في العمل إذا كان راضياً كُلَّ الرضا عنه امتدحه، وحينما يكون منزعجاً منه فإنَّه قد يتحدَّث بالسوء عنه، مُشيراً إلى أنَّ ذلك قد يتسبَّب في إفشال مستقبل الزوجين بناءً على إبداء رأي المدير فيه، ولذلك فإنَّه يجب على ولي الأمر ألاَّ يُركِّز على رأي المدير ولا على رأي زميلٍ واحد من زملاء الخاطب في جهة عمله؛ لأنَّه ربَّما كان بينهما مشاحنات، وبالتالي فإنَّ الأخذ برأيهم قد يتسبَّب في إفساد مشروع الارتباط، داعياً المدراء والأصدقاء إلى الحرص وتقوى الله في قول الحقيقة حتى وإن كانوا غير متفقين معه، مُوضحاً أنَّ الشهادة هنا قد تكون بمثابة شهادة زور، كما أنَّها قد تتسبَّب في التفرقة بين شخصين يريدان الارتباط بالحلال، إلى جانب كونها بمثابة إلصاق التُّهمة بشخصٍ برئ، مُوضحاً أنَّ الخاطب المُتَّهم يستطيع اللجوء للجهات القضائيَّة للحصول على حقوقه كاملة دون نقصان.