قلبي الصغير لا يتحمل
- القصص والروايات
- 22/2/2013
- 1908
- أحمد عجب الزهراني جريدة عكاظ
شقت صالة الانتظار وذهبت حيث يوجد الباب الرئيسي لمكتب القاضي، امرأة شبه متشنجة يحيطها الخوف والهلع من كل جانب، طلبت من السكرتير مقابلة القاضي لأمر غاية في الأهمية وعندما اعتذر منها عادت وتوسلت إليه ثانية، لكنه اعتذر منها مرة أخرى قائلا فضيلته حاليا يجلس في المختصر للبحث والمراجعة، قالت: زوجي رافض يحضر للمحكمة، ويقول إلي تبغي تسويه سويه، أنا يا ربي الموت أحسن لي، سنة وانا بروح وأجي للمحكمة بدون نتيجة وكله صرف على هذي المشاوير، حتى العمل ما لقيت، بالله عليك كيف أنفق على نفسي وعلى ولدي الصغير هذا، كلم الشيخ الله يخليك !!
كان يجلس إلى جانبي أكثر من مراجع، كلهم مستاؤون من هذه المعاملة ومن طول الانتظار، أحدهم قال لي إلي يجي للمحكمة لازم يكون قلبه كبير ويتحمل يشوف مثل هذي المناظر والقصص الإنسانية المؤسفة مثل قصة هذه المرأة، ليقاطعه أحد الحضور وهو يقول أما أنا ( قلبي الصغير لا يتحمل ) ثم نهض من مكانه ولا أدري إلى أين ذهب، أما المرأة فاستمرت تشق الصالة كل نص ساعة، مرة تطلبنا قلما، ومرة تطلب من أحدنا كتابة معروض لها، ومرة تعيد التوسل إلى السكرتير لعله يجد حلا لمشكلتها!!.
لم تعد المحاكم للأسف الشديد، تخيف المدعى عليهم خاصة في قضايا الأحوال الشخصية، فما أن تقول لأحد بشكيك للمحكمة حتى تسمع عبارات مكررة ومليئة عن آخرها بالاستهانة والسخرية مثل ( الطريق قدامك ) أو (أعلى ما بخيلك أركبه)، وليت النظام يطبق على المدعى عليه أو المطلوب للمحكمة مثل ما تطبق بحق المدعي الإجراءات الروتينية بحذافيرها، وليت هذه السيدة تجد من يسمعها ويحل قضيتها بحيث يصدر لها حكم قضائي ملزم بنفقتها ونفقة ابنها وتقتطع كل شهر وبشكل آلي، مثل هذه السيدة معاناتها مضاعفة، ولو لا قدر الله حامت حولها أدنى شبهة وهي تسعى لتوفير قوت يومها، لطبقت عليها أقصى العقوبات ولم تجد من يرحمها ربما لأن قدرها أن تعيش مظلومة في كل حالاتها (ادعوا لها)!!.