شارع الذكريات الحزينه
- مفالات صحفيه (منقوله)
- 18/11/2012
- 1686
- يوسف المحمي يد - الجزيرة
منذ الثمانينيات، وربما السبعينيات الميلادية، كان الكل يعرف شخصيات ذات أسماء وهمية، تفاحة، وليمونة، و... و... وتجد أسماء هؤلاء على الجدران مقرونة بأنواع سياراتهم وفئاتها، ويتناقل المراهقون والسذج مواعيد تفحيطهم وأماكنها، ثم يتجمهرون قبل ذلك بساعات كما لو كانوا حضور مباراة كرة قدم.
كتب قبلي حول هذه الظاهرة السيئة عشرات الصحفيين، بل ربما مئات الأقلام، منذ ثلاثين عاماً، منذ سيارات نيسان «ماركتو» و»180بي» و»240 إل»، وتاريخ طويل من سيارات المراهقين، ولكن حتى هذه اللحظة لم يظهر أي حل لهذه الظاهرة المريعة، وإني لأسأل هل هي ظاهرة، أم جريمة، أم هواية مجنونة متهورة، أم هو فراغ الشباب وطيشه؟ أم ماذا؟ لماذا لم تتغير الأجيال مع كل هذا التقدم والتقنية؟
صباح الجمعة الفائتة، الجمعة الحزينة، راح ثلاث ضحايا، وخمسة مصابين، نتيجة تهور شباب مراهقين، في شارع الذكريات شرق مدينة الرياض، والغرابة أن الحدث كان في تمام السادسة والنصف من يوم إجازة، فهل هؤلاء لم يناموا بعد؟ وما الذي أخرج هؤلاء كي يتجمهروا في هذا الصباح الباكر، وكأنما يبحثون عن حتفهم ذلك الفجر، في شارع الذكريات الحزينة؟
رحم الله هؤلاء الشبان الذين قادهم حتفهم إلى هذا الشارع في يوم جمعة حزينة، ولعل السؤال الذي يشغلني، هو ما الحل؟ وبعيداً عن إهمال المرور في بتر هذه الظاهرة وجزها من جذورها للأبد، وبعيداً عن الجرائم المركبة التي يرتكبها بعض الشباب، من سرقة السيارات، ومخالفة أنظمة المرور، والتهور في القيادة، وعكس الطريق، وترويع الآمنين، ودهس المشاة، و... و...إلخ. وبعيداً عن العقوبة المنتظرة لهؤلاء من السجن لسنوات، أو القتل بسبب القتل المتهور، أو السجن لأيام، وما نعرفه من هشاشة القوانين لدينا، وبعيداً عن التربية التي لم تسعف هؤلاء، سواء من يمارسون هذا الفعل، أو يشجعونه بالمتابعة والتجمهر، أسأل ما الذي يمكن فعله كي يتوقف هذا الانفلات في قيادة المركبات وسرقتها؟ ألم يظهر بيننا من يقترح حلاً حاسماً بتوجيه سلوك بعض الشباب؟ ليس بالضرورة بالعقوبة القاسية، بل بتوجيه هذا السلوك إلى جانب إيجابي، واستثمار هذه الطاقة الشابة، ألا يمكن تقنين ممارساتهم تلك في ميدان أو حلبة سباق للسيارات، على الأقل يؤسس لمحبي ومتابعي هذا العبث مدرجاً، كمدرجات ملاعب كرة القدم، كي يحميهم من انحراف السيارات المنفلتة عليهم، فيفقدون أرواحهم بسبب عدم الوعي بخطورة هذا النوع من القيادة، خاصة أن حادثة الجمعة الماضية، كانت التقارير تؤكد أن قائد المركبة كان يقود هذه السيارة المسروقة بسرعة 180 كم/ الساعة، وأين؟ داخل أحد الشوارع في أحد الأحياء السكنية!
وربما الغرابة أنني أكتب عما يحدث منذ عشرات السنين، وعما فقدنا خلاله عشرات الضحايا، وعما لم يتحرك إزاءه صاحب قرار ليضع حلاً حاسماً له، خاصة أننا لا نجد مثيلاً له في الدول الأخرى، فهل ثمَّة قانون أو قرار إيجابي يحل هذه الظاهرة من جذورها؟.