كم تدفع وأخلّص لك معاملتك؟!
- العادات والتقاليد الثقافه والتراث
- 25/9/2012
- 1582
- تركي الدخيل-جريدة الرياض
المسافة بين طلب إنهاء المعاملة وإنجازها تشوبها شوائب جمة. البيروقراطية هي التي تبعد المعاملة عن الإنجاز. حيث تطلب أطناناً من الأوراق والوثائق والتوقيعات قبل أن تُعطى حقاً من هذه المؤسسة الحكومية أو تلك. وإذا أردت أن تأخذ معاملة سريعة عليك أن تأتي عن "طرف" أحدهم، أو أن تعطي الموظف "رشوة" تسمّى هدية أو أتعاب أو دهن سير!
ويؤسفني أن أقول إن الرشوة في السعودية بازدياد، وعلينا ألا نخاف ونحن نعترف بهذا الخطر المحدق. بالتأكيد أن الرشوة تزداد، وإلا فما حاجتنا للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. تزداد الرشوة لأن البيروقراطية تضخّمت وحاصرت الناس في مصالحهم واحتياجاتهم. لهذا لا تتعجب أن يسألك أحدهم: "كم تدفع؟ وأخلّص معاملتك"!
ذكر تقرير طرح خلال منتدى الرياض الاقتصادي مؤخراً وأثار حفيظة الهيئة العامة للاستثمار - كما تشير أرابيان بزنس - أن 68 في المئة من المستثمرين في السعودية يلجؤون لأساليب غير نظامية لتسهيل أعمالهم كالرشوة والواسطة والتحايل وأن نحو 56 بالمئة من المستثمرين المحليين يرون أن القضاء التجاري ضعيف وعائق استثماري! هذه الأساليب الملتوية لا تسيء فقط إلى المؤسسات الحكومية أو غيرها، بل إلى أن بيئة الاستثمار في السعودية تحتاج إلى تحصين من أي تلوث.
مواجهة الحقائق الموجودة والعيوب والثغرات ليس أمراً سلبياً بل هي إيجابية مضاعفة. من الإيجابية أن يكون الناس على علم بالذي يجري من رشاوى وملايين تدفع على معاملات عادية أو من أجل الظفر بهذه المناقصة أو تلك.
في عام 2008 ذكر تقرير صادر عن وزارة الداخلية السعودية، أن قضايا الرشوة في المملكة ازدادت بنسبة 15% في 2007 حيث تم تسجيل أكثر من 500 قضية في الرياض لوحدها، فلا تسل عما لم يسجل، وما كان خارج الرياض!
تنتشر الرشوة مع أن عقوبتها النظامية قاسية، حيث يواجه الموظفون الذين يقبلون الهدايا أو وعودا بتنفيذ أي مهام السجن ل10 سنوات، أو غرامة تصل إلى مليون ريال سعودي! وليت أننا نستمع إلى مثل هذه العقوبات ليرتدع من في قلبه رغبة بالرشوة أو من يبتز الآخرين طالباً المال مقابل إنهاء المعاملة. وهؤلاء كثر. البعض يعلل فعلته هذه بأن راتبه قليل، وهذا العذر لا يلغي النظام ولا يلغي التحريم الديني قبل ذلك.
بآخر السطر؛ مواجهة حالات الرشوة تبدأ بتفعيل أرقام البلاغ عن حالات الفساد، ونشر الرقم الذي لا يعرفه الكثيرون. ويبدأ من الفرد والإنسان حين يشاهد من يبتزّه بالمال أن يبلّغ عنه فوراً. فلا يمكن لبيئة استثمارية ولا تنموية أن تتطور في وسط مدجج بالرشوة.