مفاهيم التراث والثقافة

مفاهيم التراث والثقافة

 

مفاهيم التراث والثقافة

وهي التي كونت الكتل الصغيرة التي كونت التراث الكيان الصلب، ومن هنا تأتي أهمية الحرص على استقلالية الشخصية الثقافية والهوية الحضارية لكل أمة أرادة النهوض والاستمرار بذاتها دون الانصهار في مجتمعات أخرى قد تضيع هوية الفرد وارتباطه الجذري الذي –تضييع الهوية- بالفرد للمساهمة بالمجتمع بصفته عميلا لشركة مساهمة لا شريكة في رأس المال وعضو في مجلس صنع وتصدير القرار بشركة مستقل بكيانها متفرددة بمادئها وأسسها حائزة على نوعية خاصة عالية الجودة من عملائها.

مفهوم التراث:

بطبيعة ما زرعه الله سبحانه في الإنسان من غزائز فطرية من غريزة حب البقاء وغيرها، كان سعي الإنسان حثيثا للتكيف مع بيئته فتفرض عليه سلوكا منتظما بما يحتويه من قيم ومبادىء رغبها أو لا، ويرسم علهيا آثار ما يكتسبه من علم ومعرفة، ومن ثم يتناقل هذا الإنسان جيل بعد جيل منظومة مبادىء وأساليب البقاء وضمانات الاستمرار وما يستلزمها من معارف وعلوم. ومن هنا نصل إلى التراث بمفهومه العام الذي يشمل كل ما فرضه –أتى به- الزمان بمعنى أصحابه الأجيال السابقة على الأجيال الحالية معنويا قيميا كان أو حسيا ماديا، دون أن يكون لمن أنتجه وعمل به على أنه تراث يد في رفضه أو تشكيله ودون أن يكون بنفسه مما يخضعه المجتمع للدراسة النقدية، ويستمد من ثقافات المجتمع الصغير المعرفية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأيدلوجية والدينية (معتقدات وشرائع)، ويخضع لعوامل تزيد أو تنقص من قوة كينونته في جيل عن آخر بما يطرأ على المجتمع من تغيرات بيئية ومدخلات حضارية.

مفهوم الثقافة:

تحديد هذا المفهوم أساسي لكل من أراد أن يدرس القيم والأخلاقيات والسلوك للفرد والمجتمع، وكيفية تفاعلها داخل المجتمع الواحد وبين المجتمعات، مما يؤدي إلى بناء صورة مستقلة لكل مجتمع تساعد في التعامل معه في جوانب عدة من الجوانب السياسية والإجتماعية الفكرية. فالثقافة هي حركة للمجتمع ككل، كما هي حركات الأحزاب الساسية والدينية.
فيمكننا أن نقول أن الثقافة من صنع الإنسان الجبلي الذي نشأ من تعامله مع البيئة بغرض الاستفادة أو التكيف. فظهر هنا مفهومي للثقافة أحدها يربطها بالجانب بالمنتجات والمدخلات العقلية من القيم والمعتقدات والمعايير والأفكار، والثاني يربطها بالجانب الحسي من مما يتعلق بنمط حياة الإنسان وعلاقاته مع الآخرين داخل المجتمع. فظهر من يقول بأن الثقافة: هي كل أوجه النشاط الإنساني التي جاءت نتيجة لاجتماعه، وكل ما قدمه هذا الإنسان لبيئته. وهي بهذا المفهوم الشامل ليست محدودة بمجومعة مع المعارف التي تميز الإنسان المتعلم عن غيره حتى يطلق عليه بالمثقف وإنما ذاك جانب من النظرة الانتقائية لها، وإنما هي أنماط السلوك الإنساني وأساليب التعامل بين الأفراد والجماعات والمعتقدات المشترك في شريحة المجتمع. وكما يقول د. عفيفي: “هي محمله بالمعاني التي يعبر عنها الأفراد بلغتهم بما فيها من رموز لذلك فهي ليست نظرية إنما يكتسبها الفرد في سياق نموه ووسط هذه الجماعة، وتعتمد في وجودها واستمرارها على استمرار المجتمع، وإن كان هذا الوجود والاستمرار لا يتوقفان على وجود فرد بعينه أو جماعة.

مفهوم الثقافة العربية:

بداية أذكر ما قاله د. حامد الحميدي: “اشتق اسم الثقافة من “ثقف”… والثقافة كلمة عريقة في لغتنا بمعنى صقل النفس، والمنطق، والفطانة. وهو بمعنى تثقيف الرمح أي تسويته وتقويمه. ثم استعمل للدلالة على الرقي الفكري والأدبي والإجتماعي للأفراد والجماعات”.
تتميز ثقافة المجتمع الإنساني باللغة التي هي أساس عملية التواصل بين الأفراد، فبها يتم التعبير عما في الإنسان ويتفاعل مع المجتمع في قضاياه. وإلى جانب الثقافة هناك المعتقد الذي يقوم بمدها بالمبادئ والأقيم. ومن ثم تراث المجتمع بما يرتبط مع هذا الجانب مع من استخدام اللغة في الأشعار والقصص البطولية وما أعيد تمثيله حسيا من قيم ومبادئ على شكر قوانين وأعراف وعادات اعتمدها المجتمع. ومن ثم هذه المقومات مجتمعة تقوم بتمثيل قاعدة مشتركة عبارة عن وحدة عقلية ونفسية في تحليل ما يجري من مكونات الحياة تمتد بصبغتها على كل من عاشر هذا المجتمع وتكيف معه.
وعدما نتحدث عن الثقافة العربية فهي ثقافة أصيلة الكيان عريقة المصدر حازت على أمتن المقومات التي يمكن أن يقوم عليها شعب أو تبنى بها حضارة مجتمع، بامكانها التصدي للتحديات وإعادة النهوض من بعد ضعف بمن تعشقها. فهي ثقافة تستمد معتقداتها من الشريعة السماوية الخاتمة التي لا تعارض العقل والفطرة السليمة وتزودها بالأخلاق والقيم السامية التي جاء نبي هذه الأمة الإسلامية ليتمم ما كان منها أصيلة في التراث العربي، ووسيلة الاتصال هي الثقافة العربية التي هي لغة أدات وفكر بحد ذاتها كما ذكر د. حامد وجزورها التراثية ممتدة في الزمن من يوم ظهور العرب ولهذا التراث قاعدة عريضة بتعدد قبائلها والأماكن التي قطنتها هذه القبائل. وبكون الثقافة هي حركة المجتمع فقد صبغت جميع أفراده على اختلاف معتقداتهم.
فالثقافة العربية بعد كل هذا: هي عربية اللسان، إستندت بمعظم مضموها إلى الأسس والقيم الإسلامية، وتاريخ عرب الجاهلية والعصور الإسلامية بعربها وعجمها، وبتفاعلاتهما في الماضي ومع الحاضر.

الخاتمة:

وختاما بعد أن تم تحديد هذه المفاهيم تظهر أن لكل مجتمع صبغة تميزه عن غيره وهذه تكونت بما حمله أفراد هذا المجتمع، وأيًّا كان هذا المجتمع يبقى عزيزا بثقافته مستقلا بشخصيته، متميزا بعطاءه، يدل عليه إتناجه الفكري المعنوي والمادي الحسي. ومتى ما خرج فرد على هذا المجتمع جُنِّب ورفض وظهر شاذًا فاقدًا لهويته فلم يكن ليقبله المجتمع ولا ليستقر في قرارة ذاته راضية عما يظهره مخالفا لما تغذاه من ثقافة مجتمعه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع
مذكرة:
الفصل الثالث – التراث: محتواه وهويته، إيجابياته وسلبياته –
د. محمد أركون

مذكرة:
الثقافة
د. حامد الحميدي

كتاب:
الثقافة والتربية
د. عبد املنعم فهمي سعد
دار عمار للنشر والتوزيع – عمان، الأردن
الطبعة الأولى 1404هـ الموافق 1984م

كتاب:
في الثقافة الإسلامية
د. أحمد نوفل، محمد عبد الغني المصري، محمود عويضة
كلية التربية – جامعة القاهرة
الطبعة الأولى 1986م

 

منقول للامانه

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5