كيف نعشق « الوطن »

كيف نعشق « الوطن »

 

أن تكون مواطناً فهذا شيء عادي، وربما حق طبيعي مكتسب بمجرد الميلاد، لا يملك أحد المنازعة فيه، إلا في حالات قصوى ونادرة.. ولكن كيف نترجم هذه المواطنة لمستواها الايجابي؟ فهذا هو التحدي الصعب الذي يجب علينا العمل من أجله وتحقيقه على كل الأصعدة والمستويات.

بعبارة أخرى، كيف يكون المواطن صالحاً، ومن خلال الدعائم الأربع (المعرفة/ العمل/ الكينونة أو الوجود/ والتعايش مع الآخر) في إطار منظومة الحقوق والواجبات التي لا تفرق بين رجل عادي، وبين أي مسئول ولو في أرفع درجات المسؤولية؟
شيخنا الفاضل والجليل، الدكتور عبد الرحمن السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام، أذكر أنه قال قبل أعوام، في إحدى خطبه،  إن «النفوس جبلت على حب ديارها وهذا الأمر الفطري جاءت الشريعة بالعناية به والمحافظة عليه» وقال أيضاً، إن المواطنة الصالحة «ليست كلمات تردد ولا شعارات ترفع وإنما إخلاص وتفاعل وشفافية ولا تقبل التأمل والتأويلات ولا تصغي إلى الشائعات ولا تخضع إلى المساومة والمزايدات». مشيراً إلى أن الأمة «حين تتسارع بها عجلة المستجدات وتعيش بين الثوابت والمتغيرات فإنها رائدة في شريعتنا الغراء التي لا تعرف الانعزالية ولا الاغلاق وتحسن التعامل مع المتغيرات بكل ايجابية في ضوء الكتاب والسنة وتجاوزاً لمرحلة الأزمات وفقهاً لأبعاد التحديات».

بعبارة أخرى إن المواطنة الصالحة هي ممارسة التصرفات والسلوكيات الايجابية التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، وهنا أجدني أقترح على مؤسساتنا الرسمية والأهلية، التفكير في إطلاق جائزة للمواطنة الصالحة

هذا التوصيف الرائع، هو ما يجعل من الضروري علينا أن نعيد النظر في كيفية تحقيق ذلك، دون أن نكتفي بمجمل الحق الطبيعي المكتسب، من أجل الغاية الأسمى، وهي تأطير هذا الحق ليكون وسيلة للصلاح والإصلاح معاً.. بعيداً عن التشدق بشعار المواطنة وحده، لأن هناك معيارا آخر لا يجب أن نغفله، وهو قيمة هذه المواطنة.
فالمجرم الذي يرتكب جريمة ما، هو مواطن، والنابغ أو العالم مواطن أيضاً، ولكن هناك فرقا بين «مواطن» استخدم ذكاءه ليرتكب جريمة دون أن يراه أحد، وبين «مواطن» سخّر ذكاءه لخدمة مجتمعه، وهنا أقول، إن المواطنة مثلها مثل الأمن.. إحساس وشعور قبل أن تكون ملموسة في مجرد رجل مرور أو أمن، والخيط الرفيع بين المواطنة والمسؤولية يجب أن يكون هو الفيصل في الشعور والاحساس والعمل والأداء، فالمواطن المسئول هو الذي يحرص على ألا يرمي علبة المياه الغازية من نافذة سيارته في الشارع، وهو الذي لا يشوه جدران المباني، ولا يترك بقاياه على الكورنيش أو بالحديقة العامة، وتتجاوزها إلى تحقيق الوحدة المجتمعية بعنصريها السلوكي والوطني.
بعبارة أخرى إن المواطنة الصالحة هي ممارسة التصرفات والسلوكيات الايجابية التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، وهنا أجدني أقترح على مؤسساتنا الرسمية والأهلية، التفكير في إطلاق جائزة للمواطنة الصالحة، في كل حي، أو مدينة أو محافظة أو منطقة، لتشجيع المواطنين على ممارسة مواطنة هادفة وايجابية ستقوي الوحدة الوطنية, بل وستزيد ارتباط الفرد بمجتمعه. وأعتقد أن من شأنها مكافحة ظواهر الفوضى والاستهتار بالقيم وبالمعايير الاجتماعية. وأنا هنا لا أبتدع، ولكن دولاً متقدمة فعلت ذلك، المؤسسات الاجتماعية الأهلية في أمريكا كمثال، تكافئ أولئك الذين يساهمون في المحافظة على البيئة أو ساعدوا ضحايا الكوارث أو كشفوا عن خصال أخلاقية حميدة في وقت الأزمات. وهذا النوع من التكريم ليس اسمياً فقط فهو يشجع وبخاصة صغار السن على اعتناق مبادئ أخلاقية تهدف إلى خدمة المجتمع وتظهر الحس الوطني والالتزام بالمسؤوليات والواجبات المدنية.
صدقوني.. نحن في حاجة لإظهار الجوانب الايجابية فينا، وتشجيعها، وتقديم نماذج مضيئة لأجيالنا، في ظل وجود العديد من التصرفات الطائشة والأنانية والعدوانية.
نحن في أمسّ الحاجة للترويج للمعايير الوطنية والقيم الاجتماعية التي تعايشنا معها وعشناها، خاصة في هذه الأيام.. لعلّ وعسى؟!

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5

التعليقات على المقالة 1

مواطن18/6/2012

الوطن عشق ابدي ينمو وويكبر مع السنين