المثقفون الجدد.. منعزلون.. متوحدون
- العادات والتقاليد الثقافه والتراث
- 11/5/2012
- 1564
- الخبر - عبير البراهيم -الرياض
يصر المثقف دائما أن يبدأ معاركه بشيء من التأمل لواقعه الذي يأتي به متغيراً دائماً ومتفاعلاً مع ما يثره ويشغل الحيز الذي بداخله حتى يتحول مع مرور الوقت وكأنه ينمو من تحت القشرة إلى كائن مهووس بذلك القدر من التوق الذي يتشبع به حتى يصبح وجهه.. يمتلئ بالفضاء الرحب الذي يشكله من خلال فكره ويتحرك من خلاله وكأنه في سباق دائم مع حكاية نزفه على الحبر.. يجرب أن يعدو ويقفز ويمشي ويتوقف فيمارس صنوف الحركة التي تتطلبها منه تلك الحالة المدهشة من فوضى وهدوء تسهمان في خلق عالمه المختلف الذي يأتي منه بقلم يشبه كثيرا أصابعه الطويلة التي يدسها في جبينه حينما يتعب من أصوات الشوارع الخلفية للأناس العابرين في هذه الحياة.
محمد المزيني: أجيال التعجل أعمالهم هشة لم تطبخ على نار هادئة والمواقع الإلكترونية تغشهم
ويبقى المثقف في كل وقت يصر على إيمان عميق بداخله ينتزعه من نفسه ليعيده إلى الورق.. أو ربما إلى شاشة صغيرة تضيئ حروفه التي يكتبها حينما يتألم ويفرح وحينما يحب أن يمارس كل الطيش وحكاية المخاوف التي تبدل أمزجته وتحيله إلى الانعزال الطويل والصمت الأقصر.. الانعزال الذي يشغله بما يحدث على ساحته الثقافية لكنه أبداً لايمارس الصمت القصير إلا حينما يكتب.. فأي وجوه مثقفه جديدة جاءت لتحرك المشهد الثقافي بأصابعها التي جاءت من جيوب الروح ؟ وهل للمثقفون الجدد ذلك النوع من الوجوه التي تتشبع بحكاية التغير وصناعة فكرة تتحول إلى إيمان فصراع فانتصار؟ أم أن للعزلة والركون إلى المواقع الإلكترونية الحديثة متعة مغرية أكثر على الإصغاء إلى ضجيج الخارج ؟
جاءت الوجوه الجديدة من المثقفين الشباب الذين لم ينتزعوا الكعكة في قالب القدماء من أبطال الساحة الثقافية الذين كانت تغريهم المعارك الثقافية جدا.. لكنهم استبقوا مايأملون به خلف كواليس التقنية التي قدمتهم أبطال العالم الجديد في مواقع إلكترونية وأخرى عبر إصدارات متدافعة تغطي عين الشمس لوفرتها.
محمد الدخيل: المؤسسات الثقافية تتصف بالبيروقراطية ولا تلبي طموح الشباب
لم يستطع الجيل الجديد بعد - بل ربما لم يحاول - أن يصنع التغير والحراك الذي خلقه سابق المثقفين .. فبقي منعزلا ، متمردا ، متوحدا فيما يكتب ، يبتعد عن مخاوف المواجهة الإعلامية الصارخة عبر الصحف والقنوات بذريعة الحرية وضيق المساحة المتاحة واتهام ونقد المجتمع والسلطة الدينية.. ! فهل تستطيع تلك المخاوف وذلك الإيمان من الجيل الجديد المثقف أن يمحو عنهم تهمة عدم الوجود الفاعل في المشهد الثقافي؟ أم أن للجيل القديم من المثقفين نصيباً في تهمة حب التملك للبقاء وعدم إتاحة الفرصة للأقلام الشابة أن تخرج فلم تبادر بالتبني ولم تبادر بالتخلي عن أماكنها ؟ من لابد أن يبادر للآخر في هذه اللعبة الثقافية ؟ ومتى سيحقق هذا الجيل الجديد عالمه بكل مايؤمن به عبر الواقع وليس عالم الحلم
التعليقات على المقالة 1
متابع13/5/2012