قنوات تستحق الإغلاق
- مفالات صحفيه (منقوله)
- 1/4/2012
- 1549
- عبدالرحمن عبدالعزيز الهزاع-الرياض
فضاء عربي يغُص بمئات القنوات؛ منوعات، تفسير أحلام، أطفال، صحة، رياضة.. الخ. لا اعتراض، ولا قوانين أو تنظيمات تمنع مثل هذا النشاط، فالمجال متاح للجميع. التكاليف الأولية في المتناول لفتح قناة، ومن هنا تسابقَ من يعْلم ومن لا يعلم أساسيات الإعلام، ومن تنقصه العلوم والمعارف لينشئ قناة بلا دراسة، ولا تخطيط لتكون النهاية الحكم عليها بالموت وهي في دور الحضانة. هؤلاء بعضهم فتح قناةً ليتفاخر بها أمام الآخرين من أبناء العمومة وأفراد القبيلة، والبعض الآخر لإكمال دائرة أعمال تجارية أخرى، وآخرون بحثاً عن مردود مادي بناء على توصيات ونصائح خاطئة من جَهلة يعتقدون أن أي قناة هي سبيلٌ سهلٌ للثراء في ظل نجاح بعضها في الحصول على مردود مادي من وراء الاتصالات وخدمات الرسائل النصية. مجموعةٌ أخرى من القنوات كان وراءها أفرادٌ أو مؤسسات لها توجهات معينة تسعى لتحقيقها بصرف النظر عن أية تكاليف إنشائية أو تشغيلية.
بين وقت وآخر أُقابل بعض الزملاء ممن لديهم خبرات محدودة في مجال من مجالات الإعلام مثل التقديم، أو الإعداد، أو الإخراج أو غيرها فيخبرني أن فلاناً، أو الجهة الفلانية طلبت منه العمل والإشراف على إنشاء قناة جديدة تم رصد الاعتمادات اللازمة لها، مؤكداً أن هذه القناة ستكون مبهرة وتكتسح الأُخريات من بني جنسها. وما هي إلا بضعة أشهر وتبدأ هذه القناة في التخبط يميناً وشمالاً إلى أن تلفظ أنفاسها لعدم القدرة على الاستمرار وتراكم الخسائر، وفقدان المتابعين، إن وجدوا، أو لخروجها عن الخط العام وإيقافها.
لابد لكل قناة جديدة من رؤية واضحة ومنهجية برامجية محددة. لابد من دراسة جدوى، ولجنة إشرافية من ذوي الاختصاص؛ تخطط للبرامج وتجيزها، وتختار المشاركين فيها، والموضوعات التي ستُبحث وتُناقش. كَوْن القناة سعودية، وملاكها أو القائمين عليها سعوديين يضع عليها أيضاً مسؤولية الحفاظ على القيم والمبادئ الدينية، ومراعاة وحدة البلاد ولُحمة أبنائها. لا مكان للقبلية والعنصرية، ولا مكان أيضا للمساس بالمعتقدات والمذاهب وإظهارها بصورة تسيء للمنتمين إليها.
نعلم جيداً أن هناك قنوات أُوقفت لمدد متفاوتة، ونعلم أيضاً أن هذا الإيقاف ليس من باب الحد من الحريات وتكميم الأفواه، وإنما هو نتيجة حتمية لترك الحبل على الغارب وإغفال المتابعة والإعداد الجيد، واختيار المشاركين والموضوعات المناسبة للبرامج. قد ينبهر بعض القائمين على البرامج ومقدميها عندما يتفاعل معهم نفر من المشاهدين ويتصلون للإشادة والشكر، وفي واقع الأمر هم يريدون طرح محاور تُخرج الموضوع عن الطريق المرسوم له. وفي غمرة ما يُعتقد أنه نجاح تنزلق أرجل فريق البرنامج ويقع في الهاوية.
عندما يتقابل شاعران من شعراء الرد، ويحاول كل منهما النيل من قبيلة الآخر، وتنقل إحدى القنوات هذه المساجلة فهي بذلك تكرس مبدأ القبلية، وتفتت الوحدة. وعندما يُوكل الإشراف والمتابعة على القناة إلى من لا يملك الحد الأدنى من الثقافة والاطلاع، وتطالعنا برامج دينية أو اجتماعية تتناول المذاهب والطوائف بالنقد والانتقاص تكون هذه البرامج كالسوسة التي تنخر في جسد الأمة وتهدد تكافلها، وتشيع الفرقة والتناحر بين أفرادها.
لا نريد قناة في كل يوم، ولا نريد أن تُغلق المزيد من هذه القنوات القائمة لسبب أو لآخر.
نريد فكراً نيّراً، وطرحاً موضوعياً لكل ما يحيط بأمتنا. نريد أن تُعطى القوس باريها وبذلك نكسب المعركة ضد كل قوة تحاول النيل من هذه البلاد أو أهلها..