صيف خانق.. ومجتمع لا يرحم

صيف خانق.. ومجتمع لا يرحم

 

** أوشك الصيف على الانقضاء..

** لكنه كان ومازال هذا العام صيفاً (خانقاً) بكل المقاييس..

** هو (خانق) ليس لأن درجة الحرارة كانت مرتفعة جداً.. وليس لأن الأسعار بلغت الذروة من الارتفاع بدرجة بشعة فقط.. وإنما لأن الأوضاع السياسية والأمنية العربية كانت (عجيبة) وبصورة غير مسبوقة..

** فالسياح العرب ونحن - في هذه البلاد في مقدمتهم - وجدنا كل الأبواب السياحية مقفلة أمامنا..

** فلا الوضع في مصر كان مريحاً..

** ولا الذهاب إلى تونس كان ممكنا.. في ظل (توابع) الهزات الأخيرة التي مرت بهما في الأشهر الستة الماضية..

** ولا الوضع في سورية.. أو لبنان كان مطمئناً.. ومريحاً أيضاً..

** تلك هي البلدان الأجمل سياحياً..

** فإلى أين كان بإمكان الواحد منا أن يتجه..؟

** لذلك قلت إن جميع الأبواب السياحية كانت مغلقة.. لأن الطقس السياسي والأمني في البلدان السياحية لم يكن جاذباً.. أو حتى مطمئناً ..؟

** وهكذا كانت الخيارات أمامنا محدودة..

** البعض ذهب إلى تركيا..

** والبعض اختار المغرب..

** والبعض الثالث اتجه إلى دبي..

** والبعض الرابع ذهب صوب بعض دول في جنوب شرق آسيا..

** والبعض الخامس حنّ على البلد وإليها فذهب إما إلى الطائف أو أبها.. أو القصيم أو الباحة.. لقضاء إجازة.. (نص.. نص) لماذا ؟

** لأن التوجه إلى أوربا.. او أمريكا.. وما في حكمهما كان صعباً..

** فالأسعار مخيفة..

** والحجوزات على الخطوط السعودية كانت صعبة بل ومستحيلة حتى من قبل الاجازة بعدة أشهر..

** فضلاً عن أن الطقس لم يكن جميلاً.. وجاذباً .. كما هي حال أوربا وأمريكا.. وكندا.. وسويسرا.. وأسبانيا المعتادة..

** لكن البعض ذهب إليها..

** إما لأنه قادر على مصاريفها.. ولا فرق لديه بين أن يدفع مائة ألف ريال أو مليون ريال..

** وإما لأنه مضطر.. لمتابعة فحوصاته الطبية..

** وإما لأنه يملك (شقة) أو (مسكناً) أو مأرزاً.. في أحد المنتجعات الجميلة (وسع الله عليهم)..

** وإما لأنه اعتاد على السفر إلى تلك البلدان.. ولم يكن بإمكان أولاده أن يرضوا بأقل من ذلك..

** وليت الغلاء وحده هو المنفر الوحيد من السياحة هاهنا.. وإنما افتقاد ثقافة السياحة ومقوماتها الأساسية في البلد..

** فلا الفنادق.. والشقق المفروشة.. وأماكن الاقامة مؤهلة لإضفاء البهجة على مشاعر السائح..

** ولا الأماكن السياحية العامة مؤهلة لتوفير السعادة والراحة للأسر والعوائل في ظل المضايقات التي يتعرضون لها..

** كما أن سياسة الإقصاء للشباب من كل مكان يتجهون إليه قد جعلتهم خارج المعادلة تماماً.. وينسلخون حتى عن عوائلهم، ويرتبون لرحلات خاصة مع بعض زملائهم وأصدقائهم.. بعد عام مضنٍ من العمل والدراسة أو العطالة أيضاً.

** أما الجو فإنه لا يساعد الإنسان على قضاء الوقت الأنسب في المناطق الساحلية.. أو الجافة دون معاناة شديدة

** فكيف يمكن أن تقوم لدينا سياحة ؟

** وكيف يمكن أن نمكن المواطنين والمقيمين من التمتع بخصائص الاستقرار الشامل في بلادنا ؟

** ثم كيف يمكن أن نبرر مطالبة البعض للناس بالتوقف عن السفر للخارج ونحن نطاردهم.. ونتدخل في أبسط حقوقهم الشخصية إلى الدرجة التي لا تطاق ولا تحتمل في أكثر مدننا..

** فإذا تجول الشباب في الأسواق طاردهم بعض المحسوبين على الهيئة.

** وإذا ذهبوا إلى الملاعب السياحية وأماكن الترفيه.. رُفِضَ دخولهم إليها..

** وإذا انطلقوا إلى البراري .. داهمهم من لا تعرف ماهي هويته.. ولا ما هي مهمته.. ولا من الذي خوله أن يقتحم خصوصيات الناس إلى هذا الحد..

** وإذا جلسوا في منازلهم.. واعتزلوا العالم .. وقاطعوا كل مكان توجد فيه امرأة حتى وإن جاوزت الستين.. فإن هذا السجن الاختياري لا يصبح إجازة.. ولا يتصل بأي شكل من أشكال الاستمتاع بالوقت..

** فكيف يصبح لدينا بعد ذلك أي دافع لقضاء إجازة الصيف هنا ؟!

** ثم .. هل نتجاهل مشكلات الاختناقات المرورية التي تفقدك أعصابك .. وتستهلك كل وقتك..

** إنني وأنا أستعرض مصادر الازعاج.. وأشكال العقد والعقبات التي تواجه السائح في بلادنا.. لأشعر في نفس الوقت بذاك الجهد الخارق الذي تقوم به هيئة السياحة.. وتحاول معه أن تغير ثقافة المجتمع.. وتركيبته النفسية والأخلاقية.. في وقت تحاول فيه أن تحافظ على تراث البلد الذي جرى تهديمه بدلاً من الاهتمام به ورعايته لدعم المقومات السياحية لبلد صاحب حضارة قضت عليها مفاهيمنا.. وضيق إدراكنا.. وفداحة خلطنا بين "الأثر ".. والمعبد..

** كما أن الهيئة تحاول أن تؤسس لتوفير جيل على درجة عالية من الكفاءة والمهارة وحسن المعاملة للعمل في هذا القطاع بمختلف مرافقه..

** ولو كان بيدها لغيرت طقس المملكة وأجواءها..

** وليعذرني سمو الأمير سلطان بن سلمان إذا أنا قلت إنه ينحت في الصخر.. ويفعل المستحيل، ويريد أن يغير ما لايمكن تغييره.. أعانه الله.. وقوّاه.. وبارك في جهوده وأعانه علينا.. إنه سميع مجيب الدعوات.

***

ضمير مستتر:

**(هناك خوارق ومستحيلات تهزم إرادة الكبار وتقتل طموحاتهم الكبيرة).

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5

التعليقات على المقالة 1

محب السياحه12/9/2011

الحقيقه الخدمات السياحيه الداخليه متدنيه ولاهناك اي تحسن