عيب يا أرامكو

عيب يا أرامكو

 

بصراحة أجدني في غاية الحيرة والإحباط، إن لم أقل الصدمة والمفاجأة، عند سماعي وقراءتي الخبر التالي:

(شركة أرامكو السعودية تلغي برنامج احتفال كان سيحييه كل من الفنان العراقي نصر شمة، والفنان عارف الفيتار، والإسباني كارلوس بينانا. الذي كان مقرراً إقامته ثاني أيام عيد الفطر المبارك ضمن مهرجان أرامكو، وقد صرح مسئول بالشركة بأن الإلغاء جاء بسبب تأخر الحصول على تأشيرات الدخول لبعض الفنانين، بينما رجح مصدر مسئول أن الإلغاء تم بموجب توجيهات رفيعة).

مصدر الدهشة والاستغراب هو أن شركة مثل أرامكو التي تعتبر من أهم أضلاع الاقتصاد في الدولة، وذات التاريخ العريق والمكانة الرفيعة في سلم الاقتصاد الوطني، وفي وجدان المواطن السعودي، تنزل لهذا المستوى في مناسبة دينية، تعقب شهر رمضان المبارك بتقليد ليس من صميم ثقافة الشعب السعودي، وليس من عاداته الموروثة التي يعبر عنها بفرح وسرور في المناسبات الوطنية والدينية، وغيرها من المناسبات التي تدعو للفرح والبهجة، بحيث تُعد لمهرجان ضخم يحييه فنانون من أوروبا والوطن العربي في ثاني أيام عيد المسلمين، ويكلف الحفل ما يكلف من ميزانيات وغيرها دون مراعاة لمشاعر المواطنين والمسلمين في كل مكان وهم يختتمون الشهر الفضيل، ويعيشون فرحة عيد الفطر المبارك، وهي تعد العدة لإقامة حفل بالموسيقى الشرقية والغربية ضاربة بمشاعر الناس عرض الحائط.

أليس غريباً وعيباً وخطأ كبيراً أن تقوم شركة في مقام أرامكو بمثل هذا التصرف دون أن يحمر لها وجه أو تهتز لها شعرة من الحياء والخجل، وهي تنحدر إلى هذا المستوى في يوم عيد المسلمين، غير مكترثة بالمردود النفسي لمن يسمعون أو يقرءون هذا الخبر، خصوصاً أن المواطن ينتظر من أرامكو دوراً إضافياً وفاعلاً في مجال المسؤولية الاجتماعية، هذا المجال الذي يمثل أولوية وضرورة أكثر من برنامج الطرب والغناء والفن بلهجات العرب والأعاجم في عيد المسلمين.

أليس عيباً يا أرامكو أن يكون احتفالك بالعيد -وأنت تمثلين أحد أركان الاقتصاد الوطني- بهذا الطرب والغناء والخروج عن تقاليد الاحتفال بالعيد المتعارف عليه، وأن يكون صادماً لمشاعر الناس، مفاجئاً لهم في ظل انتظار المواطن أواراً أكبر وأهم تجاه الاحتياجات والضرورات، وما ينمي ثقافة الشعب ويعزز تراثه ويوفر لهم المرح البريء والترفيه الذي يراعي الثوابت والتقاليد ويعزز الخصوصيات ويكرس القيم ويحفظ مكانة شركة أرامكو السعودية ويصونها في نفوس الناس.

أليس عيباً يا أرامكو أن ينحصر تفكير القائمين عليك في يوم العيد في صرف الأموال في إقامة حفل غنائي يجلب له الفنانون من مشارق الأرض ومغاربها، ويكون الاعتذار عن الإلغاء بتأخر الحصول على تأشيرات الدخول؟

أما كان الأجدى أن يكون تعليل الإلغاء بالتعديل عن الفكرة وإلغاء الحفل نهائياً لعدم توافقه مع مناسبة العيد السعيد، والاستعاضة عنه بحفل ترفيهي وترويحي يتضمن برامج تناسب عيد الفطر المبارك؟ ولو حدث ذلك لرفع (أرامكو) درجات في نفوس الناس، لكن الحرص على إقامة الحفل بتلك اللونية في هذه المناسبة الإسلامية نزل بها درجات في الحضيض، لأنه يصادم روح المجتمع، ويناقض تطلعات الناس تجاه أرامكو، ويخالف سنة الاحتفال بالعيد ويتناقض مع المسؤولية الاجتماعية لأضخم شركات البلاد.

عيب يا أرامكو أن يصدر منك هذا التصرف الانصرافي، والتفكير غير المنطقي والتجاهل لمشاعر الناس، وإحباطهم في يوم عيدهم، وكأن الأمر قد صدر من جهة لا تعرف في أي دولة هي، وتجهل تقاليد البلد وتوجهها وعادات أهلها وماذا سيترتب على مثل هذا التصرف غير المدروس، ولا أدري ماذا يقول لسان حال المسئولين عن الشركة تجاه المردود السلبي لمثل هذا التفكير الذي جعل الناس يتناقلون الخبر بشيء من المرارة والحسرة، وبالفرحة أيضاً لإلغاء الحفل.

لا أدري ماذا كان يقصد المسئولون بالشركة وهم يخططون ويخصصون الميزانية الكبيرة لإقامة مثل هذا الحفل الذي لا يمثل أكثر من (غلطة الشاطر).

ختاماً: عيب يا أرامكو أن يصل مستوى التفكير لدى بعض مسئوليك لهذه الدرجة التي فاقت حد جرح المشاعر وتحديها إلى مستوى تجاهلها تماماً، والقفز فوق الثوابت، وتجاوز الأولويات والقيام بالأعمال الانصرافية، وعدم المسؤولية، ومحاولة ابتداع أشياء استفزازية على حساب المسؤوليات والضروريات.
عيب.. بل عيب كبير لا يغتفر.

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5