وحشٌ يلاحقني

وحشٌ يلاحقني

 

وحشٌ يلاحقني ، فَكيفَ المَخرَجُ
ومتى قَناديلُ السَّعادة تُسْرَجُ ؟

وحْشٌ مُخيفٌ ، حينَ أدخُلُ منزلي
أَلْقاهُ مُرْتَقِباً ، ولمَّا أخرُجُ

أَنَّى اتجهْتُ ... رأيتُهُ مُترصِّداً
يرنو إليَّ بمقلةٍ ... تتوهَّجُ

في السوقِ يلْقاني بنظرة ِ فاتِكِ
فيصُدُّ عني كُلَّ ما هو مُبْهِجُ

فإذا وقفتُ ، بدا أمامي واقفاً
و إذا درَجْتُ بدَا أمامي يدْرُجُ

يغْتالُ أحلامي ويقتُلُ فرحتي
و إليَّ من جبلِ الأسى يَتَدَحْرَجُ

يهذي فأسكُتُ خائفاً مُتوجِّساً
ويظلُّ في هذيانِهِ يتَلَجْلَجُ

وحشٌ يلاحقني ، وفي نظراتِهِ
ما يقتُلُ الحُلمَ الجميلَ ويُزْعِجُ

ويظَلُّ ينهَشُ كُلَّ شهرٍ رَاتبي
و الرَّاتب المسكين " قرصٌ مُدْمَجُ "

وحشٌ يُشاركني الطَّعامَ فَلُقمَتي
بلُعَابهِ ـ من قبل أكلي ـ تُمْزَجُ

حتَى الثِّيابُ ، إذا اكتَسَيْتُ ، اَظُنُّها
بيديه في دُور الخِياطَةِ تُنسجُ

وحشٌ يُقاسمني الحياةَ ، وما لهُ
من رادعٍ وهو العنيف الأهوجُ

كم حاجَةٍ لي في حياتي صَدَّها
مُتعمِّداً ، وأنا إِليْها أحْوَجُ

من ذلك الوحش المخيفُ ، ومالهُ
حولي يُرَقِّصُ عُنْفَهُ وَ يُهَمْلِجُ؟!

الكُلُّ يعرفه ويعرفُ أنَّهُ
قاسٍ ، لهُ طبعٌ قبيحٌ أعوجُ

" وحشُ الغَلاءِ " أَما رأيتُم أنَّهُ
ما زالَ في ليلِ التَّهاوُنِ يُدْلِجُ

يترنَّحُ الفقراءُ منهُ ، وما لهم
من حَملَةِ الإعلامِ إلاَّ البهرجُ

أُسَرٌّ تئِنُّ منَ الغلاءِ وتشتكي
لكنَّ بابَ العطف عنها مُرْتَجُ

أُسرٌ يُلاحقها عناء معيشةٍ
فالبؤسُ فيها و العناءُ مُبَرْمَجُ

تبكي ، وتكتمُ صوتها ، لكنَّهُ
ما زالَ صوتاً باكياً يتهدَّجُ

أُسَرٌ تُلاحِقُها الهُمومُ ودرْبُها
نحوَ الخلاصِ منَ الأسى ،مُتَعَرِّجُ

إِنِّي أقولُ ، وقد يئستُ منَ الذي
عند العباد ، وإِنْ أَجَادَ المُخْرِجُ

يا مَن تعيشونَ الهمومَ ثقيلةً
مُدُّوا أكُفًّا للضَّراعَةِ ، والْهَجُوا

خَلُّوا وُجُوهَ الغافلينَ وراءَكُم
فالغافلونَ ، خيولهم لا تُسْرَجُ

وتعلَّقوا بالله ، فهوَ ملاذُكم
وبعَونِهِ ، كُلُّ الشَّدائدِ تُفرجُ

 

عبدالرحمن صالح العشماوي

الرياض 4/10/1432هـ

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5

التعليقات على المقالة 1

النجم الساطع6/9/2011

الله يخارجنا من غلا الاسعار وياليت الجهات المسئوله تتابع جشع التجاري الي ماله حدود