ماتخفي الصدور
- العادات والتقاليد الثقافه والتراث
- 26/8/2011
- 1774
- فهد عامر الأحمدي الرياض
أنا شخصياً أصدق بإمكانية قراءة أفكار الآخرين (بشرط) الابتعاد بها عن مظلة الخرافات، وماوراء الطبيعة.. ففي هذه الحالة فقط يمكن إعادة هذه الموهبة الى مايعرف بالتوسم أو الفراسة الناجمة عن الخبرات المسبقة...
والفراسة قد تكون مكتسبة أو فطرية يولد بها المرء حسب قول الرازي (الذي ألّف في هذا كتاباً جميلًا يُدعى الفراسة عند العرب) .. فما يظهر لنا كقراءة أفكار قد لايكون أكثر من تفرس في الملامح والتصرفات، وتعابير الوجه وزلات اللسان وبالتالي استنتاج نية الانسان بناء على تجارب سابقة...
ومن القصص التي تروى بهذا الخصوص أن رجلًا دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه فتغير وجهه وقال "يدخل علي أحدكم والزنا بين عينيه" فذهل الرجل وقال : أأوحي بعد رسول الله ؟ قال عثمان : لا ، ولكن فراسة صادقة !!
أما علي بن أبي طالب فقد تحدث يوماً عن قوم سيأتون الى المدينة فوصف حالهم وموعد حضورهم، فقال رجل من كليب: "لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب".. فضحك علي وقال : يا أخا كليب ليس علم الغيب إنما تعلّم من ذي العلم !!
... على أي حال ؛ موهبة التوسم والتفرس ظاهرة معروفة وموجودة - حتى في أيامنا هذه - لدى كافة الشعوب والأمم .. وكنتُ شخصياً قد قابلت شاباً هندياً يملك مهارة غريبة حيث كان يكرر (في نفس الوقت واللحظة) كلام من يقف أمامه .. فبدل أن يستمع للحديث حتى نهايته (أو حتى ينتظر بعده لحظة او لحظتين) كان يجاريني في الحديث، ويسايرني بطريقة آنية. وفي حين لم يدّع هو امتلاكه لمهارة خاصة يقسم أصدقاؤه على قراءته لأفكار الواقف أمامه وبالتالي "النطق" معه في نفس الوقت!!
... وهناك فنان من نيويورك يدعى مارك سيلم يدّعي قدرته على قراءة أفكار الناس بمجرد النظر لوجوههم، وقد ساعد الشرطة في كثير من تحقيقاتها، كما ألّف كتابا خاصا لتطوير هذه الموهبة . وهو يملك برنامجا تلفزيونيا (يدعى Marc Salem’s Mysterious) يحقق فيه نسبة نجاح لا تقل عن 85%!!
... وفي حين يرى البعض أنها "اعتقادات خرافية" يرى البعض الآخر أن لها أساساً علمياً مقبولاً؛ فنحن نعرف مثلًا أن جميع البشر يعيشون في محيط صاخب من الأمواج المغناطيسية، وحين تبرز الفكرة في رأس أحدنا يتولد نشاط كهرومغناطيسي يمكن رصده وقياسه. وهذا يعني أن المخ يولد موجات (لاسلكية) ضعيفة قد تنتقل الى أدمغة الآخرين عبر الأثير (وكان الطبيب الروسي ليونيد فازيليف قد ألف منذ ستينيات القرن الماضي كتاباً عن هذا الموضوع افترض فيه وجود اتصال كهرومغناطيسي بين أدمغة البشر، وأن قراءة الأفكار أمرٌ ممكن تحت شروط معينة) !
... على أي حال؛ إذا جمعنا الخبرة مع احتمال الصحة ، وقوة الملاحظة مع الثقة بالنفس ... نخرج في النهاية بقارئ أفكار ترتفع لديه نسبة النجاح لأكثر من 85%