كيف يفكر العرب وكيف يفكر الغرب؟!
- مفالات صحفيه (منقوله)
- 4/8/2011
- 1831
- د. نجلاء أحمد السويل-الاقتصاديه
عندما تسير في شوارع لندن أو باريس تجد كثيرا من الخليجيين الذين ما زالوا يعيشون عصورا ماضية من قصة التباهي والتفاخر بالمظاهر وكل ما يتعلق به من مجوهرات وملابس فاخرة وأدوات للتجميل وحقائب متعددة من أكبر دور الماركات العالمية، وكل ذلك المظهر المبالغ فيه إنما يحمل رسالة مفادها أننا نحن الخليجيين قادرون على اقتناء الكثير والكثير، والمشكلة أن تلك الفئة التي تتباهى بما لديها ربما نسيت أو تجاهلت أن ما تلبسه كله هو من تصنيع دول وقفت ضمن مصاف الدول المتقدمة، بمعنى أن لا حاجة بك إلى أن تتباهى بما صنعه الغرب أصلا من أجل أن يسوقه عليك، لغة قديمة تذكر بسنوات "الطفرة" التي بدلت مجتمعنا إيجابيا من الجانب المادي حتى أصبح الفقير سابقا ثريا، وبالتالي لا بد أن يتظاهر ليخبر الناس كلهم من حوله بما يمتلك من شدة فرحته! لكن يظل من لديهم قناعة نفسية بأنفسهم وذواتهم لا يتبدلون سواء في الفقر أو الغنى.
و لعل تلك الصورة لبعض الخليجيين والعرب تثير لديك العجب، بل الضحك أحيانا، ذلك الضحك الممزوج بالدهشة تجاه الطريقة التي ما زال البعض يفكر بها، فهو يتحدث بلغة لا يلتفت إليها العالم المتحضر ولا يعيرها اهتماما، بل هي من دلالات الشخصية السطحية، لأنك وأنت تسير في أي من العواصم الأوروبية أو المدن الأمريكية لن تجد من يفكر بتلك الطريقة أو يتبنى ذلك الأسلوب، ومهما كان المستوى الوظيفي للفرد الغربي مرتفعا فهو لا يزال يستخدم حذاءه البسيط وملابسه المتواضعة، وهو يحمل في يده حقيبة تحوي مستلزماته التي تؤهله لإنهاء عمله أو قضاء وقت فراغ مفيد، حتى في صالات المطارات وأماكن الانتظار تجد أنه يقضي وقته في القراءة، لكن - مع الأسف - فإن الإنسان العربي لديه مهارة لا يمتلكها أحد في مراقبة الآخرين والالتفات إلى الناس يمينا ويسارا بدلا من الاهتمام بما يفيده .. لكن إلى متى سنكون أقل وعيا وأقل تدبيرا؟!
ولعل من المعروف أن الفرد هو اللبنة الأساسية للمجتمع، وأن زيادة وعيه وصفاء إدراكه إنما يساعدان بصورة واضحة على الارتقاء الفكري والنفسي بالمجتمع، لكن إن كان بعض شريحة المجتمع العربي يفكر بهذه الطريقة فهنا لا يزال الخطر واقعا، فمن يصدق أن الدول الآسيوية التي كانت في السابق دولا بسيطة صغيرة أطلق عليها العالم منذ زمن بعيد اسم النمور الآسيوية أو نمور شرقي آسيا، وهو لقب يطلق على اقتصاد دول: تايوان، سنغافورة، هونج كونج، كوريا الجنوبية، إندونيسيا، ماليزيا، وتايلاند سميت بهذا الاسم لتحقيقها معدل نمو اقتصادي كبيرا وتصنيعا سريعا خلال الفترة ما بين الستينيات والتسعينيات، وفي بداية القرن الحادي والعشرين تحولت هذه البلدان إلى بلدان متقدمة، وساعدت على نمو اقتصادات بعض الدول ذات الاقتصاد الجيد، مثل الصين واليابان ولا أعتقد أنه من الصعب أن يبدأ البعض في تغيير طريقة تفكيره إلى الأفضل والأكثر عملية، فالتطور يكون في الفكر الإيجابي لبناء الفرد وفق الدين والأخلاق، لكن الطريقة السلبية هي المشكلة الكبرى!