اكتتبوا في شركة بيع المساويك
- مفالات صحفيه (منقوله)
- 4/7/2011
- 1730
- إبراهيم محمد الناصري-الجزيره
هذا العنوان مقتبس من تعليق في منتدى إنترنت قُصد به التهكم من عزم شركة محلية طرح أسهمها للاكتتاب العام. ويُعبّر صاحب التعليق عن قناعته الراسخة في أن الاكتتاب العام يجب أن يقتصر على الشركات الكبيرة المشهورة. المؤسف أن هذا التوجه الخاطئ في فهم فلسفة سوق الأوراق المالية وأهدافها يشترك فيه قطاع عريض من الجمهور والكتاب والمسؤولين، ويُعد في رأيي من أهم أسباب فشل السوق في قيادة التنمية الاقتصادية وتوظيف مئات الآلاف من المواطنين كما كان مُخططاً له ومأمولاً فيه عند إنشاء هيئة السوق المالية.
من الخطأ الاعتقاد أن سوق الأوراق المالية نادياً للشركات الكبيرة المستقرة فقط، بل إن دعم المشاريع الناشئة الصغيرة والمتوسطة عالية المُخاطرة هو الهدف الأول لتلك السوق، لأن هذه المشاريع هي الموظف الأكبر لليد العاملة والحاضن الأول للأفكار المُبدعة التي تتطور إلى مشاريع عملاقة. ولما كانت البنوك تُغلق أبواب التمويل عن تلك المشاريع لم يكن أمامها سوى التمويل الرأسمالي بإدخال المستثمرين شركاء فيها. هذه الحقيقة كانت حاضرة في نصوص نظام السوق المالية، الذي صاغه خبراء محليين ودوليين، ولذا فإنه لم يترك لهيئة السوق خياراً في رفض طلبات الاكتتاب إلا في أربع حالات هي: إذا لم تتضمن نشرة الإصدار المعلومات التي يتطلبها النظام، أو إذا احتوت النشرة على معلومات غير صحيحة أو كاذبة أو مضللة أو أغفلت معلومات أو بيانات جوهرية، أو إذا لم تدفع الشركة أتعاب نشرة الإصدار للهيئة، أو إذا لم تُقدم الشركة أي من التقارير المطلوبة وفقاً للنظام.
ثم أكدت قواعد التسجيل والإدراج على هذا التوجه فحدد للهيئة مهلة خمسة وأربعين يوماً للموافقة على الاكتتاب، ونصت على حق الشركة التي ترفض الهيئة الموافقة عليها في إقامة دعوى قضائية ضدها. وهكذا فقد بُنى النظام على منهج الإفصاح Discloser-based ولم يترك فرصة للعودة إلى مبدأ Merit- based الذي يعطي للبيروقراطيين صلاحية تقويم مدى ملائمة الشركة أو جدارتها، فهذا المنهج تجاوزته الأسواق المتطورة منذ وقت طويل لأنه يفتح أبواب المحسوبية ويقفل باب التنمية. ويكفي للتدليل على مدى خطورة هذا المنهج الإشارة إلى أن بيروقراطيو وزارة التجارة فرضوا قبل صدور نظام السوق المالية قيوداً صارمة على تأسيس شركات المساهمة ثم أوقفوا تأسيسها لعدة أعوام سداً لباب ذرائع جمع الأموال، ثم فتحوا الباب لقطاع واحد فقط. وكانت النتيجة تعطيل التنمية الاقتصادية وفتح أفواه مُحتالي جمع الأموال خارج إطار التنظيم.