كان عملها إسعادي
- القصص والروايات
- 3/7/2011
- 1812
- لمى الغلاييني-الاقتصاديه
أعجبتني حكاية عن رجل ذهب إلى مكتب التأمينات الاجتماعية للاستفسار عن معاشه عند التقاعد، وبعد حصوله على المعلومات اللازمة واصل ليستفسر بشأن أرباح زوجته، فسأله الموظف: هل سبق لها العمل؟ فكانت إجابة الرجل: "لقد عملت طوال حياتها على إسعادي"، فعقب الموظف: شيء جميل، ولكن هل سبق لها أن سعت للحصول على معاش؟ فقال الرجل: كلا، لقد أبرمنا اتفاقًا عند زواجنا بأن أسعى أنا لأكسب ما يكفل لنا العيش بكرامة، وأن تسعى هي لتجعل منزلنا ملاذًا جميلا للعيش.
من البديهي أن الزواج على الرغم أنه عقد بين طرفين، ولكنه ليس اتفاق عمل بين زميلين أو شريكين في مشروع، بل ارتباط بين عقلين وجسدين وروحين وحلمين وشخصيتين وجنسين مختلفين، وعلى الرغم من انتشار موضة ارتداء الملابس موحدة الجنس Unisex، لكن ذلك لا يمحو حقيقة أن الرجال والنساء مخلوقات مختلفة غاية الاختلاف، وتكمن معظم المشكلات التي تمنع الغالبية من التمتع بحياة زوجية سعيدة في الافتقار إلى تفهم واحترام المعنى الكامن وراء الأنوثة والذكورة، وأننا خلقنا لنكمل بعضنا البعض، وعندما يتفهم الزوجان تلك الاختلافات ويقدرانها فإن كل طرف سيُخرج أفضل ما لدى الطرف الآخر، مما يمكنهم من تحقيق استمتاعهم بالحياة الزوجية، وبغياب ذلك الفهم سيتحول الزواج إلى علاقة تنافسية بين شخصين متجافين يتخبطان في الظلام بارتباك وهما يبحثان عن شيء غامض، وهذا ما يشجع تلك الخطيئة التي يرتكبها معظم أزواج اليوم، حيث يميل غالبيتهم للتركيز أكثر على حياتهم المهنية واهتماماتهم الخاصة، مع ارتفاع مستوى الأنانية في العلاقة، وكأنهم يرون في أزواجهم وأطفالهم كماليات يمكن الاستغناء عنها،
أما مشاريعهم الخاصة فأمور أشد أهمية، ويتم لهذا إهمال الاحتياجات الأساسية للزوجين والأطفال لصالح رغبات أحد الطرفين بسبب تشوش مصطلح الحب في إدراكهم وخلطهم بين نوعيه الناضج وغير الناضج، فالحب غير الناضج يحدث حين تصبح الذات مركز الكون ـــ كما يتعامل الرضيع مع العالم ـــ فتحب شخصًا لأنه يمنحك مشاعر تعجبك ويشبع احتياجاتك، أما النوع الناضج فيحدث حين تحب الشخص الآخر وتسعى لإسعاده كما هو دون السعي إلى نقده وتغييره، ولهذا فالكثير من الأشخاص يتزوجون لإشباع احتياجاتهم الشخصية، لكن الزواج الناجح لن يحدث حتى يكون الشخص مستعدًا لإشباع احتياجاته واحتياجات شريكه أيضًا، وأعتقد أن هذا هو التعريف لمعنى كلمة أحبك: الرغبة في العطاء وإسعاد شخص آخر، وحين نعيش بذلك المفهوم فإن كثيرًا من الزيجات ستدوم ناجحة برغم كل الظروف.