الخادمة : مدرسة
- القسم العام
- 13/6/2011
- 1525
- د. مطلق سعود المطيري - الرياض
الخادمة : مدرسة
الأم ، تصنيفٌ يخرج عن كل قدرات الإحصاء ، لأنها هي هي في كل شبر من الأرض، وفي كل الظروف وفي كل الأحوال ، إن استبد بها الفقر أو حاباها الجاه ، وإن خصها بكل جهامته المرض وإن امتلأت بالعافية ، إن تقلدت أرفع المناصب وإن بقيت حبيسة خيمة فقيرة ، إن علت مراتبها العلمية وإن اصطفتها الأمية والجهل تبقى الأم هي لا شيء إلا الأم.
حفظت كتب التاريخ حكايات عن أم الفنان الأشهر درر التي آثرت أن تشتري الألوان بثمن الدواء الذي يخفف عنها آلام اعتلالها ، وعن أم فنان كبير مثل روبنز التي ابتاعت كل ما تملك من أثاث فقير وأوعية منزلية وملابس قديمة حتى جمعت له مبلغاً اشترت به له حصاناً يمتطيه إلى إيطاليا ليكمل دراسة الفن فكان هو الفنان الأشهر والأعظم في جيله والأجيال التالية كذا صنعت الأم من جراحها ، والأمثلة كثيرة .
وفي حكاية قديمة يقال إن ابناً قتل أمه ، وعندما همّ بالانصراف تعثر بجثتها فسقط فإذا به يسمع قلب الأم يقول : "اسم الله عليك ،الله يحفظك " فهل بعد ذلك شيء ؟
على يديْ أم حرمتها ظروفها من أقل قدر بالتعليم تخرّج الابن عالماً وطبيبا، أو رائدا أو قائدا ، لم يكن الوعي أو التعليم أو الثقافة هو من أرشد تلك الأم إلى صناعة نموذج رائع من الابن ، لكنه فقط قلب ، وكأن قلب الأم بكل هذه القدرات خلْق فريد يختلف عن كل القلوب ، له قدرة الاختراق والتجاوز والإبهار والرفعة رغم أنه داخل هيكل جسدي مهدم أو مجروح.
ترى هل لتلك الأسباب اشتقت من "الأم" أسمى وأرفع المشاعر "الأمومة"؟!
في أيامنا هذه إذا تنحت الأم عن مكانها لخادمة فأي الصفات يمكن أن تشتق ؟
هل تصلح لأداء المعنى كلمة "الخدومة" ؟!