قبيلة بجيلة ، هي قبيلة قحطانية
- بني مالك نسب تاريخ ثقافه تراث
- 11/6/2011
- 1998
قبيلة بجيلة ، هي قبيلة قحطانية
قبيلة بجيلة ، وهي قبيلة قحطانية يمانية الأصل حجازية الموطن ، منها صحابة ورواة حديث وولاة وشعراء ، وكان لبعضهم شأن عظيم أيام الدولة الإسـلامية الكبرى ، وبطون القبيلة كثيرة ومتشعبة بسبب عراقة القبيلة ، وهي منتشرة بعدة مناطق وبلدان عربية وإسلامية ، لكن بطول الزمن صاروا يحملون ألقاب مأخوذة من أحد بطون أو فروع القبيلة ، فمثلا" أهل الطائف يلقبون بالمالكي نسبة لبطن ( بني مالك ) . وأهل الكويت كانوا يعرفون بالبُجلان نسبة لبطن ( بجالة ) . وأهل قطر يُلقب بعضهم الفراهيد . وبعض أهل دولة الإمارات العربية يقال لهم النقبيين . وأهل اليمن يشتهرون بعدة ألقاب ، منها السرو . وأيضا" أهل العراق يحملون عدة ألقاب ، منها بنو فتيان والعمايره وغيرهم . وبعض أهل بلاد الشام يعرفون بالفتيانيين
نسب القبيلة
أغلب المراجع تعد بجيلة من القبائل القحطانية وتقول هم : أبناء أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ من قحطان الذين أشتهروا وعرفوا بأسم أمهم ، وهي بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة بن مذحج بن أدد (وهو الأزد) بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ من قحطان ، وتذكر المراجع ان أسم (بجيلة) يعني (عظيمة القدر) ، وهناك عدة قبائل عربية تشتهر بأسم الأم ، منها على سبيل المثال لا الحصر : باهلة ، بجلة ، بسة ، جديلة ، جميلة ، سحمة ، عائذة ، عاملة ، مزينة ، وغيرهم . ومن جانب آخر ، فإن بعض المراجع أعتبرت أبو القبيلة ( أنمار ) هو إبن نزار بن معد من العدنانية ، وهو قول يخالف قول غالبية المراجع وكتب الأنساب .
والجدير بالذكر ، فانه بسبب قدم وعراقة قبيلة بجيلة فإنها ترتبط بقرابة مع كثير من القبائل العربية القديمة والمعاصرة ، منها على سبيل المثال : أخوتهم قبيلة (خثعم) التي منها قبيلة مطير المعاصرة ، وقبيلة الأزد الشهيرة ، وقبيلة بني العنبر من تميم ، وقبيلة بني عدوان ، وغيرهم .
بطون القبيلة
الثابت بالمراجع إن ( أنمار بن أراش القحطاني ) أنجب من زوجته ( بجيلة بنت صعب ) : عبقر ، وصبيهة (أو صهيبة) ، وخزيمة ، ووداعة ، وأسهل ، وشهلا ، وطريف ، وسنية ، وجداعة (أو جدعة) ، والحارث ، والغوث ، وهم الذين صاروا يمثلون بطون القبيلة التي اشتهرت بأسم الأم ( بجيلة ) .
وبطون قبيلة بجيلة كثيرة ومتشعبة ، فهناك بطون كبيرة وواسعة تنحدر منها عدة بطون أخرى ، مثل : بنو قسر بن عبقر ، وبنو أحمس بن الغوث . وهناك بطون أصغر من حيث الحجم والتفريعات ، مثل : بنو صهيبة ، وبنو أفرك ، وبنو قيس كبة ، وغيرهم . وهناك بطون دخلت مع قبائل الأزد وسعد العشيرة والحارث بن كعب وغيرهم من القبائل القحطانية التي تقرب لهم من ناحية أمهم ( بجيلة بنت صعب ) .
مـوطن القبيلة
موطن القبيلة قبل الإسلام :يقول البكري في معجم ما أستعجم بان قبيلتي بجيلة وخثعم أبناء أنمار كانوا يقيمون بغور تهامة وما يليها من ظواهر نجد قبل أن تقوم بنو مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بإجلائهم عن بلادهم . فرحلت قبيلتى بجيلة وخثعم أبناء أنمار إلى جبال السروات (جمع سراة) ، وكان يسكنها قوم يقال لهم بنو ثابر ، فقاتلوهم وتغلبوا عليهم ، وأجلوهم عن موطنهم ، فصارت السراة لبجيلة إلى أعالي تربة (وتربة مازالت تعرف بنفس الأسم) . وبعد أن أستولت بجيلة على السراة كانت دارهم جامعة ، وأيديهم واحدة ، حتى وقعت حرب بين بطون القبيلة نفسها ، فتفرقت بطونها على البلاد بسبب تلك الحروب ، فأستقر بعض بنو قسر في (نجران) مجاورين لبني الحارث بن كعب ، وبعضهم صاروا بعمان ، وأستوطن قسم من بنو أحمس بالبحرين (ليست مملكة البحرين) ، وسكن بالبادية فيما بين اليمامة والبحرين بطن يقال لهم الجلاعم (وهم من بطن سحمة بن سعد) ، ولم يزالوا على ذلك التفرق والشتات حتى ظهور الإسلام ، فقام الصحابي جرير بن عبدالله البجلي بجمعهم .
والجدير بالذكر ، فان المراجع تقول بان السراة (وفي الجمع يقال سروات) هي أعظم جبال جزيرة العرب وهو الحد الفاصل بين تهامة ونجد ، وتقع بين جرش والطائف . ويقول الهمداني بان جبل السراة يصل ما بين أقصى اليمن إلى الشام في عرض مسير أربعة أيام . ويقول القزويني : السراة في الحجاز ، وهي جبال حاجزة بين تهامة واليمن ، وهي جبال عظيمة الطول والعرض والامتداد ، ومنها جبل (الحديد) الذي يقع بديار بجيلة ، والسروات (جمع سراة) كثيرة الأهل والعيون والأنهار والأشجار ، وبأسفلها أودية تنصب إلى البحر ، وأهلها أفصح الناس ، أولها هذيل ثم بجيلة ثم أزد شنوة . ويقول فؤاد حمزة (في كتاب بلاد عسير) ان (عسير) هي تسمية حديثة وكان قدماء المؤرخين العرب يسمونها بلاد (السراة) ، وكانت كل سراة تنسب إلى القبيلة التي تسكنها ، فيقال (سراة الأزد) ، وسراة بجيلة ، وهكذا .
موطن القبيلة بعد الإسلام :
تذكر المراجع ان موطن قبيلة بجيلة وأخوتهم قبيلة خثعم كان في سروات اليمن والحجاز إلى تبالة ، ثم تفرقوا أيام الفتح على الآفاق ، كالعراق والشام ، ولم يبق بموطنهم الأصلي إلا القليل من بطونها ، ومن جبالهم (البثراء) ، ومن أوديتهم (عرادات) ، وهو واد ممتد أعلاه عقبة تهامه وأسفله (تربة) بين اليمن ونجد ، و(تربة) واد يأخذ من السراة ويفرغ في نجران . وكانت منطقة (تربة) في القرن الماضي محل نزاع بين الهاشميين الأشراف (حكام الحجاز وقتها) وبين أبن سعود (حاكم نجد) على تبعيتها ، هل (تربة) من الحجاز أم من نجد ، وأستشهد (بن سعود) بمذهب أهلها لاثبات تبعيتها لنجد .
وبعد الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام والعراق التي كان لبطون بجيلة شرف المشاركه فيها ، أستقر بعضهم في تلك البلاد التي صارت من أراضي الدولة الإسلامية الكبرى ، وبعض بطونها سكنت أرض البحرين ، وهي منطقة ساحل الخليج الغربي الممتد حتى منطقة كاظمة الكويتية . وتذكر المراجع إن الصحابي جرير بن عبدالله البجلي وقومه من بجيلة سكنوا كاظمة (منطقة بشمال دولة الكويت) بعد معركة (يوم مهران) ، ومراجع أخرى تقول أنهم نزلوا بمكان يقال له غضي (أيضا" موقع بشمال دولة الكويت) . علما" إن منطقة كاظمة الكويتية كان لها تاريخ حافل قبل الإسلام وبعده ، وبها قبر والد الشاعر الشهير بلقب (الفرزدق) ، وكانت كاظمة منطقة معمورة حتى أيام الدولة العثمانية .
أخبار القبيلة
لقبيلة بجيلة تاريخ حافل أيام الدولة الإسلامية ، وبطونها لعبت دور مهم في الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام والعراق وفارس وغيرهم من البلاد التي صارت جزء من الدولة الإسلامية الكبرى ، ولقبيلة بجيلة أخبار كثيرة بالكتب والمراجع ، نذكر بعضها فيما يلي :
تذكر المراجع ان الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل الصحابي جرير بن عبدالله البجلي لقتال أسود العنسي (أسمه عبهلة بن كعب) ومن أرتد من أهل اليمن ، ويقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل قيس بن هبيرة (المكشوح) البجلي المرادي (حلفا") .
وبمعركة اليرموك الشهيرة شاركت بطون بجيلة بقيادة قيس بن هبيرة (المكشوح) البجلي .
يقول الطبري إن المثني بن حارثة بعد هزيمة المسلمين بموقعة الجسر طلب من عمر بن الخطاب رضي الله عنه المدد والمعونة ، فأمده عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجرير بن عبدالله البجلي على رأس فرسان من بجيلة ، فتمكن جرير بن عبدالله البجلي من قتل قائد الفرس (مهران) بالمعركة التي عرفت بأسم (يوم البويب أو يوم مهران) .
والثابت بالمراجع ان بجيلة بقيادة الصحابي جرير بن عبدالله البجلي تمكنت من فتح عدة مدن بالعراق ، منها المذار (وهي مدينة ميسان الواقعة بين واسط والبصرة) ، وبانقيا (وهي أرض بالنجف دون الكوفة) . وفتح جرير صلحا" بوازيج الأنبار وحلوان (وهي بلدة قرب شهرزور وخانقين بالعراق) ، وفتح أيضا" خانقين (بلدة قرب شهرزور بالعراق) ، والمدائن (مدينة قرب بغداد) ، وجلولاء (مدينة بالعراق بأول الجبل) وقرماسين (هي كرمان شاه) ، والدينور (مدينة بين الموصل وأذربيجان) ، ونهاوند ، وهمدان ، وغيرهم . وأيضا" قاتلت بجيلة أهل أذربيجان وهزموهم ، وأمد جرير بن عبدالله البجلي أبو موسى الأشعري بالعون والمساعدة لفتح (تستر) وهي من كور الأهواز (الأحواز) التي كانت تابعة لبلاد العراق حتى 1847م (حاليا" تتبع إيران) .
وبيوم القادسية (معركة القادسية الشهيرة) أبلت قبيلة بجيلة بلاء" مشهودا" له ، وكانت تمثل ربع الناس (أي ربع الجيش) ، وعلى رأسهم الصحابي جرير بن عبدالله البجلي ، وكانوا على ميمنة الناس (الجيش) ، وكان على الميسرة قيس بن مكشوح البجلي المرادي . ويقول الطبري إن بأس الناس (أي قوة الجيش) كان في الجانب الذي به بجيلة ، فوجه الفرس ستة عشر فيلا" للجانب الذي فيه فرسان بجيلة ، فذعرت وتفرقت خيلهم وبقيت الرجال ، وكادت ان تهلك بجيلة لولا مساندة فرسان قبيلة بنو أسد لهم . ويقول البلاذري (في فتوح البلدان) ان الذي قتل قائد الفرس (رستم) بيوم القادسية ، هو زهير بن عبد شمس بن عوف البجلي .
الثابت بالمراجع أن قبيلة بجيلة شأنها شأن جميع القبائل العربية الأخرى ، فلم تكن بطونها على وفاق ووئام نظرا" لكبر وأتساع القبيلة وتعدد بطونها وفروعها ، وقد ظهر ذلك جليا" من اتخاذ بطون القبيلة مواقف سياسية مختلفة ومتباينة فيما يتعلق بالصراعات والمعارك التى كانت تدور بين المسلمين أنفسهم ، ومنها معركة الجمل سنة 36 هـ التي لم تشارك بجيلة بأحداثها لأنها حدثت بالبصرة ، ولم يكن بالبصرة أعداد تذكر من بطون قبيلة بجيلة .
وفي معركة صفين التى حدثت سنة 37 هـ بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ومؤيديهم من الصحابه والمسلمين ، فكان معظم بطون بجيلة على الحياد في ذلك الصراع على السلطة ، شأنهم شأن كثير من القبائل العربية التي أعتزلت ذلك الصراع السياسي ، وبهذا الشأن يقول صاحب كتاب أهل اليمن في صدر الأسلام أن معظم بطون بجيلة كانوا على الحياد بإستثناء تسعة عشر رجلا" من بطن (أحمس بن الغوث) ، ومن الذين كانوا على الحياد ، الصحابي جرير بن عبدالله البجلي الذي أعتزل وأرتحل إلى الرقة (بلدة حاليا" تتبع سوريا) ، فقام الخليفة علي بن أبي طالب بهدم داره التي بالكوفة عقابا" له . أما الأقلية الذين شاركوا في الصراع ، فكان بعضهم بجانب علي بن أبي طالب ، وكلهم من بطن أحمس بن الغوث ، وكان على رأسهم أبو شداد قيس بن هبيرة (المكشوح) البجلي المرادي ، في حين أن الذين قاتلوا بصف معاوية بن أبي سفيان كانوا من أهل الشام (من بطون بجيلة التي كانت بالشام) ، ويقول أبن الأثير (الكامل في التاريخ) إن الصحابي يزيد بن أسد القسري البجلي وقومه من بجيلة قاتلوا بصف معاوية بن أبي سفيان ضد علي بن أبي طالب في معركة صفين .
وفي يوم الطف سنة 61 هـ (موقعة كربلاء) ، وهي المعركة التي دارت بين الحسين بن علي بن أبي طالب ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، فالثابت إن بعض بطون بجيلة حاربوا في صفوف يزيد بن معاوية وبعضهم حاربوا بصفوف الحسين بن علي ، وقد ذكر أبن الأثير ان زهير بن القين البجلي ونافع بن هلال البجلي قاتلا بصفوف الحسين بن علي بن أبي طالب ، ويقول الطبري ان عزرة بن قيس الأحمسي البجلي كان على رأس خيل الكوفة التي كانت تقاتل بصف يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ضد الحسين بن علي بن أبي طالب .
وفي سنة 67 هـ أشترك بعض البجليين مع الجماعات المناوئة لحكم بني أمية ، وكان منهم رفاعة بن شداد الفتياني البجلي وعبدالله بن شداد الجشمي البجلي ، وقاموا بقيادة أحمر بن شميط الأحمسي البجلي بمساعدة المختار بن أبي عبيدة الثقفي في ثورته ضد الخلافة الأموية ، فنهزمزا وتشتتوا في البلاد . ومن ناحية أخرى ، فقد كان خالد بن عبدالله القسري البجلي وأخوه أسد بن عبدالله القسري البجلي من المقربين لبني أمية ، وكانوا ولاة على مكة المكرمة والعراق وخراسان لفترات مختلفة بعهد الدولة الأموية ، وصار أولادهم وأحفادهم فيما بعد ولاة على الكوفة واليمن بعهد الخلافة العباسية .
لمزيد من أخبار بجيلة يمكن الرجوع لكتاب (قبيلة بجيلة)
الإنساب لبطون القبيلة
بسبب تشعبات بطون القبيلة على مر الأزمنة والعصور ، صار كثير من البجليين يهمل رفع نسبه لأسم قبيلته الأم (بجيلة) ويكتفي بالإنتساب لبطن القبيلة الذي ينحدر منه ، وهو أمر صحيح وتجيزه مراجع الانساب ، فالثابت بالمراجع انه يجوز الإنتساب للطبقة الأدنى من تسلسل عمود النسب ، أي الاكتفاء بالإنتساب لبطن القبيلة أو أحد فروعها ، لذلك نجد إن والي العراقين خالد بن عبدالله القسري البجلي تذكره بعض المراجع بأسم خالد بن عبدالله القسري فقط ، أي الإكتفاء برفع نسبه لبطن (قسر) من قبيلة بجيلة . ونتيجة لذلك ظهرت ألقاب مأخوذة من أسماء أحد بطون القبيلة أو فروعها ، مثل : القسري ، الأحمسي ، الفتياتي ، الدهني ، السحمي ، المالكي ، البجالي (منهم البُجلان بالكويت) ، وغيرهم . وظهرت أيضا" ألقاب بصيغة الجمع ، مثل : الأحطام والبُجلان والجلاعم والعرينات والفراهيد والنوافع وغيرهم .
قبائل بجيلة المعاصرة
معـــنى المعــصرة:.القبائل المعاصرة (الحاضرة) ، هي القبائل المعروفة بوقتنا الحاضر ، وفي الغالب هي قبائل تألفت من تحالف قبلي تم بين بطون قبائل أنفصلت عن قبيلتها الأم لسبب من الأسباب ، فكونوا فيما بينهم تلك القبيلة المعاصرة ، إلا إذا كانت القبيلة المعاصرة (صريحة النسب) ، بمعنى إنها كانت بالأصل بطن من القبيلة الأم كبر وأتسع بطول الزمن وصار البطن بمثابة قبيلة مستقلة بذاتها .قبائل بجيلة المعاصرة (الحاضرة) كثيرة ومنتشرة في الوطن العربي والإسلامي ، لكنهم بالوقت الحاضر يشتهرون بأسماء مأخوذة من أحد بطون أو فروع القبيلة بسبب عراقة وقدم القبيلة ، منهم على سبيل المثال في جزيرة العرب قبيلة بني مالك بالطائف والحجاز ، وقبيلة بجالة الحجازية التي منها فرقة البُجلان في دولة الكويت ، والفراهيد وغيرهم بدولة قطر ، وبني السرو في بلاد اليمن وغيرها ، والعمايرة وبوفتيان وغيرهم في بلاد العراق ، والفتيانيين في الشام وما حولها ، وغيرهم .
بجيلة خارج جزيرة العرب
من الطبيعي أن يستقر كثير من بطون بجيلة في البلاد التي كان لهم شرف المشاركة بفتحها أيام الفتوحات الإسلامية شأنهم شأن القبائل العربية الأخرى ، وبمرور الأزمنة والعصور كثير من البجليين ذابوا بالمجتمعات الحضرية وأهملوا إنتسابهم لقبيلتهم الأم (بجيلة) بسبب كثرة تشعب وتفرع بطون القبيلة ، وبعضهم دخل بتحالفات عشائرية وكونوا فيما بينهم قبائل معاصرة فصاروا يعدون من تلك العشائر والقبائل المعاصرة ، فمثلا" يقول العزاوي (في عشائر العراق) إن قبيلة العزة هي قبيلة عراقية معاصرة قحطانية تألفت من تحالف قبلي وعشائري ، وأصل موطنها أرض السراة بالحجاز (هو نفس موطن بجيلة) ، ومن بطونها البوجيلي والبو فتيان (حسب نطق أهل العراق وأصلها بنو فتيان) .
ويبدو ان البوجيلي (ربما تحريف البجلي) والبو فتيان (تحريف بنو فتيان) هما بالأصل من بجيلة لكنهما دخلا أو تحالفا مع بطون قبائل أخرى لتكوين قبيلة العزة المعاصرة التي قال عنها العزاوي إنها تحالف قبلي كان موطنهم بلاد السراة ، و(السراة) كما هو معلوم من المراجع إنه موطن قبيلة بجيلة التي من بطونها (بنو فتيان) الذين سكنوا الكوفة منذ القدم ، وهم بنو فتيان بن ثعلبة بن معاوية بن زيد بن الغوث بن أنمار ، وأشتهر منهم رفاعة بن شداد الفتياني البجلي .
وأيضا" عد العزاوي بطن النوافع (منهم الشيخ سعيد بن نافع البجلي النافعي) الذين بالعراق من قبيلة السعيد القحطانية المعاصرة دون أن يتمكن العزاوي من رفع نسب قبيلة السعيد ، فراح يرجح إنها أحدى عشائر قبيلة زبيد القحطانية التي قدمت للعراق من بلاد الشام ، وقال هي عشيرة تتألف من عدة فرق ، منها : النوافع والشجير وبوجمعة وآل راشد وهم فرقة الرؤساء ويقال لهم الرواشدة ويتفرعون إلى الدهامشة والطرامشة . وترجيح العزاوي يبدو غير دقيق ، لأن (السعيد) عشيرة تألفت من تحالف بطون مختلفة النسب القبلي مثل معظم القبائل المعاصرة ، والشاهد على ذلك وجود أقسام من بطونها تعد من قبائل أخرى ، فمثلا" بطن النوافع الذين بالسعودية عدهم الجاسر (في معجم قبائل السعودية) من قبيلة حرب الناشئة من تحالف بطون متباينة النسب القبلي ، وأيضا" النوافع الذين في أبو ظبى عدتهم المراجع من حلف المناصير وبني ياس الناشئ أيضا" من تحالف بطون قبائل مختلفة النسب ، وبعض النوافع الذين في الكويت ينحدرون من ولد نافع بن هلال البجلي من قبيلة بجيلة . وأيضا" الشجير اللذين بجزيرة العرب عدهم حمزة (في قلب جزيرة العرب) من الكوالكبة من قبيلة عنزة ، والبو جمعه (أي بنو جمعه) بطن من عنزة ، وهم بنو جمعه هم من الجبل من العمارات من عنزة الذين منهم جمع الحبلان الذي منه محروت الهذال شيخ مشايخ عنزة بالعراق ، والمعلوم ان الدهامشة من عنزة ومع ذلك أعتبرهم العزاوي قسم من الرواشدة من قبيلة السعيد التي قدمت إلى العراق من الشام .
بعد فتح بلاد العراق التي كان لبجيلة شرف المشاركة بها ، أستقر كثير من بطون القبيلة بها شأنهم شأن القبائل العربية الأخرى التي ساهمت بفتحها ، ومن أسباب كثرة بطون بجيلة بالعراق إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعطي بجيلة ربع خمس سواد العراق كترضية لهم عندما أراد أن يرسلهم لفتح العراق . والثابت بالمراجع إن أغلب أهل العراق من بطون تنحدر من بطن أحمس الذين كان لهم مسجد بالكوفة يحمل أسمهم ، ومقبرة لبنو يشكر ، وكان لبطون بجيلة خطة (قسم أو حي) خاصه بهم بالكوفة ، وبها دار أبي أراكة البجلي الشهيرة ، ودار أخرى للصحابي جرير بن عبدالله البجلي هدمها علي بن أبي طالب رضي الله عنه عقابا" لإعتزاله المشاركة بصفين وإرتحاله إلى الرقة مع قومة .
أما البصرة ، فكانت بطون بجيلة بها أقلية في بداية تأسيسها ، ثم بعد ذلك قيام شبل بن معد البجلي وأهل بيته بالإرتحال إليها ، وتذكر المراجع إن بطن عوف بن يشكر البجليين كانوا يسكنون البصرة . ومن مشاهير أهل البصرة البجليين ، جرير بن يزيد بن جرير بن عبدالله البجلي الذي تولى البصرة سنة 126هـ ، وعالم النحو الشهير بالأخفش سعيد بن مسعدة البجلي النحوي البصري ، والمحدث محبوب بن مسعود البجلي البصري ، والمحدث خالد بن مهران البجلي البصري ، وغيرهم . وسكنت بطون بجيلة أيضا" واسط التي اتخذها خالد بن عبدالله القسري البجلي مقرا" لدار الولايه عندما كان واليا" للعراق والمشرق ، والموصل التي كان إسماعيل بن عبدالله القسري البجلي واليا" عليها ، والكرخ ببغداد التي منها عالم الشافعية والقاضي أحمد بن سلامه البجلي الكرخي ، والبوازيج التي منها الفقيه والقاضي منصور بن الحسن البجلي الجريري البوازيجي (البوازيج بلد قرب تكريت فتحها جرير بن عبدالله البجلي أيام الفتوحات) ، وسورا ونهر الملك التي كان واليها حاجز بن حازم الأحمسي البجلي بعهد أبو جعفر المنصور ، وخانقين ، وحلوان ، والأنبار ، وميسان ، وتستر (بإقليم الأحواز) التي منها المحدث الحسين بن أدريس البجلي الجريري التستري المنحدر من نسل الصحابي جرير بن عبدالله البجلي ، وغيرهم من المناطق . ومن بلاد العراق أنتشرت بطون وفروع بجيلة وتوغلوا بعدة بلاد وأقاليم ، مثل فارس وخراسان وأذربيجان وجيلان وغيرهم من بلاد الدولة الإسلامية الكبرى .
أعلام ومشاهير القبيلة
من قبيلة بجيلة مجموعة من الأعلام والمشاهير ، منهم صحابة ، راوة حديث ، فقهاء ، قضاة ، ولاة ، أمراء ، قادة وفرسان ، شعراء ، ثوار وخوارج ، وغيرهم . وكان لكثير منهم شأن عظيم أيام الدوله الإسلامية الكبرى . فمن الصحابة : أسد بن كرز البجلي القسري ، جرير بن عبدالله البجلي ، جندب بن عبدالله البجلي العلقمي ، صخر بن هلال بن العلية البجلي الأحمسي ، طارق بن شهاب البجلي الأحمسي ، يزيد بن أسد بن كرز البجلي القسري ، وغيرهم . ومن مشاهير رواة الحديث الشريف : قيس بن أبي حازم البجلي الأحمسي ، أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي ، عمار بن معاوية الدهني البجلي ، وغيرهم . ومن الولاة : أسد بن عبدالله القسري البجلي ، الصحابي جرير بن عبدالله البجلي ، حاجز بن حازم بن معاذ البجلي الأحمسي ، خالد بن عبدالله القسري البجلي ، يزيد بن جرير بن يزيد القسري البجلي ، وغيرهم . ومن القضاة : أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم السحمي البجلي ، أسد بن عمرو البجلي الكوفي . ومن الشعراء : أبو حبة (حية) البجلي ، ربيعة الفتياني البجلي ، سليمان بن مهاجر البجلي ، عمرو بن الخثارم (وقيل الخشارم أو الخنارم) البجلي ، وغيرهم .