هل الجن تكافئ الانسان على عمل الخير

هل الجن تكافئ الانسان على عمل الخير


حكاية يرويها القاضي يحيى بن أكثم رحمة الله عليه قال :
دخلت يوما على الخليفة هارون الرشيد وهو مطرق مفكر فقال لي : أتعرف قائل هذا البيت ؟

الخير أبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ما أوعيت من زاد .

فقلت : ياأمير المؤمنين .
إن لهذا البيت شأنا مع عبيد بن الأبرص .
فقال : علي بعبيد .
فلما حضر بين يديه قال :
اخبرني عن سبب قول هذا البيت .

فقال : يا أمير المؤمنين كنت حاجا في إحدى السنين ، فلما توسطنا البادية في يوم شديد الحر سمعت ضجة عظيمة في القافلة ، الحقت أولها بآخرها ، فسألت عن القصة فقال لي رجل من القوم : تقدم لترى ما أصاب الناس من الهلع فتقدمت إلى أول القافلة . فإذا أنا بشجاع أسود فاغر فاه كالجذع وهو يخور كما يخور الثور ويرغو كرغاء البعير . فهالني أمره وبقيت ﻻ اهتدي إلى ما أصنع في أمره فعدلنا عن طريقه إلى ناحية أخرى ، فعارضنا ثانيا فعلمت إنه لسبب ولم يجسر أحد من القوم أن يقربه فقلت :
أفدي هذا العالم بنفسي وأتقرب إلى الله تعالى بخالص هذه القافلة من هذا الثعبان الخطير .
فأخذت قربة من الماء فتقلدتها وسللت سيفي وتقدمت فلما رآني إقتربت منه سكن وبقيت متوقعا منه وثبة يبتلعني فيها ، فلما رأى القربة فتح فاه فجعلت فم القربة في فيه وصببت الماء كما يصب الماء في الإناء ،
فلما فرغت القربة إنساب في الرمل ومضى . فتعجبت من تعرضه لنا وانصرافه عنا من غير سوء ولم يلحقنا منه أي سوء .
ومضينا لحجنا ،
وبعد أن انتهينا من الحج .
وفي طريق عودتنا من نفس المكان. وحططنا في منزلنا ذلك في ليلة مظلمة مدلهمة .
فأخذت شيئا من الماء وعدلت إلى ناحية عن الطريق فقضيت حاجتي ثم توضأت وصليت وجلست أذكر الله تعالى .
فأخذتني عيني فنمت مكاني فلما استيقظت من النوم ،
لم اجد للقافلة أثر أو حسا وقد أرتحلوا ،
وبقيت منفردا لم ارى أحدا ، ولم أهتد ما أفعله وأخذتني حيرة ، وإضطربت .
وإذا بصوت هاتف أسمع صوته وﻻ أرى شخصه يقول :

ياأيها الشخص المضل مركبه
ماعنده من ذي رشاد يصحبه .

دونك هذا البكر منا تركبه
وبكرك الميمون حقا تجنبه .

حتى إذا الليل زال غيهبه
عند الصباح في الفلا تسيبه .

فنظرت فإذا أنا ببكر قائم عندي وبكري إلى جانبه فانخته وركبته وجنبت بكري .
فلما سرت قدر عشرة أميال لاحت لي القافلة ولاح الفجر ووقف البكر . فعلمت أنه قد حان نزولي .
فتحولت إلى بكري وقلت :

يا أيها البكر قد انجيتني من كرب
ومن هموم تضل المدلج الهادي .

أﻻ تخبرني بالله خالقنا
من ذا الذي جاد بالمعروف في الوادي .

وإرجع حميدا فقد غمرتنا مننا
بوركت من ذي سنام رائح غادي .

فالتفت إلي البكر وهو يقول :

انا الشجاع الذي الفيتني رمضا
والله يكشف ضر الحائر الصادي .

فجدت بالماء لما ضن حامله
تكرما منك لم تمنن بأنكاد .

فالخير أبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ماأوعيت من زاد .

هذا جزاؤك مني ﻻ أمن به
فاذهب حميدا رعاك الخالق الهادي .

* فعجب الخليفة من قوله وأمر بالقصة والأبيات أن تكتب عنه وقال :
* ﻻيضيع المعروف أين وضع

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5