آداب اللغة العربية
- العادات والتقاليد الثقافه والتراث
- 24/2/2021
- 883
- منقول من كتاب
آداب اللغة العربية
إذا نظرنا إلى آداب اللغة العربية وأخواتها الساميات، رأيناها تنطبق على ما تقدم بوجه إجمالي، أما عند التفصيل، فإننا نجد بين آداب هذه اللغات وتلك فرقًا كالفرق بين طبائع الأمتين ... فالشعر عند الساميين أقدم آدابهم لكن أكثره غنائي، وليس فيه من الشعر القصصي إلا نتف قليلة، أما التمثيل فيظهر لأول وهلة أنه بعيد عن آداب العرب، وسترى أنه موجود فيها ... ولا غرو إذا امتازت اللغات الأوربية بالشعر القصصي والتمثيلي، فإن اللغة العربية وأخواتها تمتاز بنوع من الآداب كبير الأهمية ليس منه في لغات الإفرنج إلا نتف نعني «الأمثال» فإنها جزء مهم من آداب اللغات السامية ولا سيما العربية والعبرانية، وتندر في سواهما .
وآداب اللغة العربية — التي هي موضوع هذا الكتاب — أغنى سائر الآداب السامية، بل هي على الإجمال أغنى آداب سائر لغات العالم؛ لأن الذين وضعوا آدابها في أثناء التمدن الإسلامي أخلاط من أمم شتى جمعهم الإسلام أو الدولة الإسلامية، وفيهم العربي والفارسي والتركي والهند والسوري والعراقي والمصري والرومي والأرمني والبربري والزنجي والصقلبي وغيرهم .
وكلهم تعربوا ونظموا الشعر العربي وألفوا الكتب العربية في الأدب والنحو والتاريخ والطب والعلم والفلسفة، فاحتوت آداب اللغة العربية بسبب ذلك على أحاسن القرائح وشتات الأخلاق والآداب والطبائع، وأدخلوا فيها كثيًرا من أساليب ألسنتهم الأصلية بدون قصد أو تعمل. ونريد بتاريخ آداب اللغة العربية بسط ما تقلبت عليه اللغة وآدابها من أقدم أزمانها إلى الآن .
فهي بهذا الاعتبار تقسم إلى أطوار لكل منها شأن يمتاز عن سواه، وقد لاحظنا في تقسيم هذا التاريخ ما توالى على الأمة من الانقلابات السياسية أو الأدبية وما كان من تأثري ذلك على المواهب والقرائح .
كتاب تاريخ اداب اللغة العربيه
المؤلف : جُرجي زيدان