شجاعة الأذكياء والأغبياء
- مفالات صحفيه (منقوله)
- 24/1/2019
- 1394
- منقول للكاتب مشعل السديري صحيفة الشرق الاوسط
شجاعة الأذكياء والأغبياء
إذا اقترنت الشجاعة بالذكاء تحققت أروع النتائج، ولكن الشجاعة إذا اقترنت بالغباء فلا شك أن أوخم النتائج سوف تتحقق من ورائها.
ومن النماذج الواقعية للشجاعة المقترنة بالذكاء هي تلك الواقعة التي حصلت في الدنمارك إبّان الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما شاهد الملك كريستيان من نافذة قصره، علماً المانياً نازياً يخفق فوق مبنى رسمي، فاستدعى الضابط الألماني وقال له: إن هذا مخالفة للمعاهدة الموقعة بين الدنمارك والمانيا.
فرد الضابط أن هذا العلم يخفق هناك وفقاً لأوامر برلين.
فقال له الملك: يجب أن يطوى العلم قبل الساعة الثانية عشرة وإلاّ فإنني سوف أرسل جندياً ليطويه – وكان العلم لا يزال يخفق في الساعة الحادية عشرة والدقيقة الخامسة والخمسين.
فأنذره الضابط الألماني قائلاً: لو أن الجندي تقدم لإنزاله سوف أرميه بالرصاص.
فقال له الملك في سكينة ووقار وشجاعة: أنا ذلك الجندي.
وتقدم بثبات وأنزل العلم، وسط اندهاش للضابط الألماني الذي انعقد لسانه من شدة المفاجأة ولم يعرف كيف يتصرف.
والنموذج الثاني من الشجاعة المقترنة بالغباء،
هو ما حصل مع الطبيب بانكروفت في ولاية كولورادو الأميركية في أواخر القرن التاسع عشر. فقد طرق باب عيادته يوماً أحد رعاة البقر، ومعه زميل له فاقد الوعي من سقوطه من على ظهر جواده وانكسرت ساقه من جراء ذلك، ويبدو أن طول المسافة والمدة وعدم النظافة قد سببت لجرحه وساقه (غرغرينا)، فكان لا بد من بتر الساق.
وحيث أن ذلك الراعي متعلّق بزميله، فقد قال للطبيب بصوت متهدج وواثق: إذا مات هذا الرجل فستلحق به، فالتفت الطبيب وإذا به يراه قد وضع مسدساً على الطاولة.
فخرج من الغرفة وعاد وهو يحمل طبقاً عليه أدوات الجراحة، وبينها مسدس كبير، وقال: يا صاحبي، لو قدر لهذا الرجل أن يموت، فسأعرف ذلك قبل أن تعرفه أنت بخمس ثوان، فخاف الراعي وخرج من الغرفة، وبتر الطبيب ساق الرجل دون مضاعفات ونجحت العملية.
وخرج من الغرفة فرحاً ليعلم الراعي أن زميله بخير، ويا ليته اكتفى بذلك، ولكنه أراد أن (يخفف دمه) بكل ما أعطاه الله من غباء، ودخل عليه شاهراً مسدسه وهو يضحك، فاعتقد الراعي أنه سوف يقتله، فما كان منه إلاّ أن يستل مسدسه بسرعة ويعاجله بعدة رصاصات فسقط على الأرض وهو يصيح به قائلاً: إنني أمزح، إنني أمزح.
ولكن بعد (ايه)؟!
وما هي إلاّ عدة دقائق حتى لفظ أنفاسه، مأسوفاً على (شجاعته وغبائه) معاً.