مبايعة جرير للامام علي ابن ابي طالب رضي الله عنه

مبايعة جرير للامام علي ابن ابي طالب رضي الله عنه

 

في هذه القصة يضرب لنا جرير بن عبدالله البجلي اروع الامثلة في السعي والجهاد للحفاظ على اجتماع المسلمين وعدم تفرقهم ولم تغنه ولايته لهمذان ولم يتحجج بأنه قد وليها من قبل عثمان بن عفان رضي الله عنه وانما سارع الى مبايعة علي بن ابي طالب لعلمه بصدق هذا الصحابي والخليفة ولحبه في جمع شتات الفرقة بين المسلمين وكل ماسوف تقرؤونه في هذه المشاركة كان قد حدث بعد ان وصل خبر مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه عندما كان جرير بن عبدالله واليا على همذان .

لما انتهى امر وقعة الجمل والتي شاركت فيها بجيلة قام علي بن ابي طالب رضي الله عنه بمراسلة العمال في كافة الامصار ومنهم جرير بن عبدالله الذي كان واليا على همذان في عهد عثمان بن عفان ، فأرسل علي رجلا اسمه زحر بن قيس الجعفي الى جرير لأخذ بيعته وكانت رسالة علي بن ابي طالب كالتالي ((إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ " . وإني أخبرك عن نبإٍ من سرنا إليه من جموع طلحة والزبير ...)) إلى آخر رسالته .

فلما قرأ جرير البجلي رسالة علي قام فخطب في الناس قائلا ((أيها الناس، هذا كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو المأمون على الدين والدنيا، وقد كان من أمره وأمر عدوه ما نحمد الله عليه، وقد بايعه الناس الأولون من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، ولو جعل هذا الأمر شورى بين المسلمين كان أحقهم بها. ألا وإن البقاء في الجماعة، والفناء في الفرقة، وإن علياً حاملكم على الحق ما استقمتم، فإن ملتم أقام ميلكم. فقال الناس: سمعاً وطاعة، رضينا رضينا)) بعد ذلك ارسل جرير الى علي جواب طاعته وطاعة اهل همذان .

كان مع على بن ابي طالب رجل من طيء وكان جرير خالا له ، وكما تعرفون اخواني الكرام فإن هناك علاقة قوية بين بجيلة وطيء ، ومنها ان معركة القادسية كان فيها الف إمرأة من بجيلة لم يتزوجن وقد وصفن بجمالهن وعفتهن حتى صاهرت العرب بجيلة فكان اكثر المتقدمين من قبيلة طيء ، ولنعود الى الرجل الطائي الذي كان مع علي حيث حمّل زحر قصيدة الى خاله جرير يقول فيها :

جرير بن عبدالله لاتردد الهدى

وبايع علي إنـي لـك ناصـح

فإن عليا خير من وطأ الحصى

سوى احمد والموت غاد ورائح

ودع عنك قول الناكثنين فإنمـا

أولاك أبا عمرو كلاب نوابـح

وبايـع إذا بايعتـه بنصيحـة

ولايك منها في ضميرك قـادح

والقصيدة أطول ولكن نكتفي بهذا القدر .

بعد ذلك قام جرير في الناس خطيبا فقال ((الحمد لله الذي اختار لنفسه الحمد، وتولاه دون خلقه، لا شريك له في الحمد، ولا نظير له في المجد، ولا إله إلا الله وحده، الدائم القائم، إله السماء والأرض، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالنور الواضح؛ والحق الناطق؛ داعياً إلى الخير، وقائداً إلى الهدى، ثم قال: أيها الناس، إن علياً قد كتب إليكم كتاباً لا يقال بعده إلا رجيع من القول، لكن لا بد من رد الكلام . إن الناس بايعوا علياً بالمدينة عن غير محاباة له ببيعتهم، لعلمه بكتاب الله وسنن الحق...)) حتى قال ((فهذا عيان ما غاب عنكم؛ وإن سألتم الزيادة زدناكم)) إنتهى

بعد ذلك أنشد شعرا له فقال :

أتانـا كتـاب علـي فـلـم

نرد الكتاب بـأرض العجـم

ولم نعص ما فيه لمـا أتـى

ولمـا نـذم ولـمـا نـلـم

ونحن ولاة على مـا ثغرنـا

ن ضيم العزيز ونحمي الذمـم

نساقيهم الموت عند اللقـاء

بكأس المنايا ونشفي القـرم

فصلى الإلـه علـى أحمـدٍ

رسول المليـك تمـام النعـم

رسول المليـك ومـن بعـده

خليفتنـا القائـم المـدعـم

له الفضل والسبق والمكرمات

وبيـت النبـوة لا يهتضـم

فأعجب اهالي همذان بمن فيهم من بجيلة بفصاحة وشعر جرير بن عبدالله فقام احد شعراء بجيلة واسمه ابن الأزور القسري فأنشد قائلا :

لعمر أبيك والأنباء تنمـي

لقد جلى بخطبتـه جريـر

وقال مقالة جدعت رجـالاً

من الحيين خطبهم كبيـر

بدا بك قبـل أمتـه علـي

ومخك إن رددت الحق رير

أتاك أمره زحر بن قيـس

وزحر بالتي حدثت خبيـر

فكنت لما أتاك به سميعـاً

وكدت إليه من فرحٍ تطير

فأنت بما سعدت به ولـي

وأنت لما تعد لـه نصيـر

وأحرزت الثواب ورب حادٍ

حدا بالركب ليس له بعيـر

انظروا اخواني الكرام الى هذا الرجل الرائع والذي بايع عليا على طاعة الله ورسوله وكان سببا في مبايعة اهالي همذان له ، ولكنه لم يكتف بذلك بل بذل ماهو اكبر من هذه الطاعه وذلك عندما ارسل برسالة الى الأشعث بن قيس والي أذربيجان وكانت الرسالة كالتالي ((أما بعد، فإني أتتني بيعة علي، فقبلتها ولم أجد إلى دفعها سبيلاً؛ لأني نظرت فيما غاب عني من أمر عثمان، فلم أجده يلزمني، وقد شهد المهاجرون والأنصار؛ فكان أوفق أمرهم فيه الوقوف، فاقبل بيعته؛ فإنك لا تنقلب إلى خير منه، واعلم أن بيعة علي خير من مصارع أهل البصرة. والسلام)) فكانت سببا في انقياد هذا الوالي لطاعة علي بن ابي طالب .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر

شرح نهج البلاغة كتاب صفين

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5