من شعراء حمص في العصر العباسي

من شعراء حمص في العصر العباسي

 

من شعراء حمص في العصر العباسي

اليوم اتيتكم بمقال جميل كُتب في عام 2002م في مجلة العرب والمقال يتحدث عن احد شعراء بجيلة في العصر العباسية وهو البطين بن امية البجلي من اهل حمص .اليوم اتيتكم بمقال جميل كُتب في عام 2002م في مجلة العرب والمقال يتحدث عن احد شعراء بجيلة في العصر العباسية وهو البطين بن امية البجلي من اهل حمص .
في البداية اذكركم بان الاستاذ جبل عمد ذكره في موضوعه (معجم شعراء بجيلة) وهذا ما اورده جبل عمد حيث قال :
5 -البطين بن أُمية البجلي
وكنيته: أبو الوليد، حمصيُّ جيدُ الشعرِ. عاش في العصر العباسي وكان له قصة مع الشاعر أبي نواس .. ومن شعره :
طوى الموتُ ما بيني وبين أَحبَّةٍ
بهم كُنت أعْطِي مَنْ أشاء وأمنعُ

فـلا يحسـب الوَاشُـون أن قَناتَنـا
تَلِينُ، ولا أنا مـن المـوتِ نَجْـزَعُ

ولـكــنَّ لـــلأُلاّفِ لا بـــدَّ لَـوْعَــةً
إذا جـعـلــت أقـرانـهــا تـتـطـلَــعُ

واقول انا صقر تهامه بان الابيات اعلاه تدل على شجاعة البطين البجلي وهذا ايضا مثبوت في المقال الذي وجدته في مجلة العرب الصادرة عام 2002هـ في العدد 824 والملفت للنظر ان البطين في احدى قصايده يشير الى وقعة حدثت بين قبيلتين من بجيلة بنواحي الشام ويذكر فيها وفاة فارس بجلي يسمى (نُعيم) فلعل في ذلك اشارة الى قبيلة بني النعيم المعاصرة (الذين يعدون بطنا من بطون بني مالك) والله تعالى اعلم واحكم ، واليكم المقال :

من شعراء حمص في العصر العباسي

للكاتب / مظهر الحجي

امتازت مدينة حمص بحركة شعرية ناشطة وممتدّة من عصر إلى عصر. وربما أمكننا القول إن بعض شعراء هذه المدينة قد تركوا بصمات واضحة في مسيرة الشعر العربي في العصر العباسي، وشكلّوا ظاهرة يمكن أن نقول عنها بكثير من الاطمئنان: إنها مدرسة شعريّة واضحة الملامح والتأثير فيمن حولها، ومن تلاها من الشعراء. أعني هنا (المدرسة الشاميّة) أو مدرسة الصنعة التي بدأها عبد السلام بن رغبان ديك الجن الحمصي، ثم استوت على يدي تلميذه أبي تمّام حبيب بن أوس الطائي.
لقد عرفت هذه المدينة في العصر العباسي الأول عدداً من كبار الشعراء، ما بين مقيم فيها كديك الجن وأبي تمّام وأبي خالد الغنوي وأبي عمران السلميّ، أو زائر لها كأبي نواس ودعبل الخزاعي. وربما جعل هذه المدينة مقصداً للشعراء، طيبُ مناخها وخضرة أرضها وانتشار كروم العنب وأماكن القصف واللهو فيها كما تذكر كتب التراث.
ولئن لم يصب شعراء حمص جميعاً خطّاً واسعاً من الشهرة، فإن هذا لا يلغي وجودهم وآثارهم التي تزخر بها كتب التراث، وهذا ما دفعني إلى الوقوف عند واحد منهم، في محاولة للتذكير بهؤلاء الشعراء المغمورين.
إنه البَطِين بن أميّة البَجَلي أبو الوليد، (ق2-ق3هـ). وقد اختلفت كتب التراجم في ضبط اسمه فجعله بعضها (البَطين)، بفتح الباء، أي الضخم البطن.
وجعله بعضها الآخر (البُطين)، بضم الباء، وهو تصغير لكلمة (بطن). وربما لحقه الاسم الثاني في شبابه، ليجعل من اسمه، بالتصغير، مفارقة حادّة بين الاسم والمسمّى، فقد كان الشاعر طويلاً جداً. يقول ابن المعتز في (طبقات الشعراء) ص247:
"ولم يُر في زمانه أحد أطول منه". كما كان ضخم الجسد، كما جاء في كتاب (الورقة) لابن الجرّاح، ص 10: "وكان الفيلُ دون البَطين في العِظَم". ويضاف إلى ما سلف أنه كان قبيح الوجه، وقد اجتمع فيه من طوله وضخامته وقباحة وجهه، شكل مرعب لمن يراه. ولكن هذا الجبل الآدميّ الضخم كان يضمر خلف ضلوعه قلب شاعر رقيق، عُرف بأدبه وفصاحته وتمكّنه من فن القول الشعري.
عاصر البطين عدداً من كبار الشعراء في زمنه، ونشبت بينه وبين بعضهم معارك شعريّة حامية الوطيس، كان الهجاء المتبادل قطبها الذي تدور عليه. وربما كان من الطريف هنا أن نذكر قصة لقائه بأبي نواس في حمص، عندما مرّ بها زائراً، وهو في طريقه إلى مصر، لما تنطوي عليه من طرافة، ولأنها تكاد تشكل، في مضمونها لوحة شعرية إنسانية فريدة. لقد قصد البطين الخانَ الذي ينزل فيه أبو نواس، فوجد رجلاً على درجة الخان يفرك الخبز ويرميه للعصافير، التي تحلّقت حوله، صاعدة هابطة تأكل الخبز المفتوت، وقد عرف البطين أن هذا الرجل، مطعم العصافير، هو أبو نواس، فأخذه إلى منزله، واستضافه أياماً.
كان البطين شاعراً مُقلاًّ في كتابة الشعر، ولكنه كان شاعراً متمكّناً، قال فيه الناقد العباسي ابن المعتز في (طبقات الشعراء) ص 248: "وكان جيّد الشعر، محكمه، يشبه نمطه نمط الأعراب". وإن ما تركه من شعر يدل على أنه كان شجاعاً، عالي الهمة، مشابهاً للشعراء الصعاليك في جرأته واعتماده مبدأ القوة سبيلاً للعيش. فهو القائل:
لـم أقـلْ عنـد الكريهـةِ يـاليتنيفي الخَفْضِ والدَّعَةِ
بل تسربلتُ الحفـاظ علـىميّتٍ في الصـدر لـم يمـتِ

وحـسـامٍ لا يطـيـق صـــداًكانصباب الكوكـب الكَفَـتِ
وصـلـت بالـمـوت هـبّـتُـهُكاتـصـال الـسـمّ بالـحُـمَـةِ

كما يذكرنا بعض شعره بالشعراء الجاهليين الفرسان الذين كانوا يجابهون خصومهم بشجاعة وثبات، ولكنهم لا ينتقصون من قيمة هؤلاء الخصوم، بل يصفونهم بما هو فيهم من شجاعة وفروسية، حتى سُمّيت قصائد هؤلاء الشعراء (المنصفات).
من هذا اللون الشعري قول البطين:
رمينـا خمـسـةً ورمــوا نُعَيْـمـاً
وكــان الـمـوت للفتـيـان زَيْـنـا

فلـمـا لــم نــدع نَـدْبـاً ورمـحــاً
بـركـنــا لـلـكـلاكـل فـارتـمـيـنـا

فـإنـك لــو رأيــت بـنـي أبـيـنـا
وشَدَّتـهـم، وَعكْـرَتـهـم علـيـنـا

لعـمـر الباكـيـات عـلــى نُـعـيـم
لـقــد عـــزّت رزيّـتــه عـلـيـنـا

فــلا تبـعـد نُـعـيـم فـكــل حـــيّس
يلقى من صروف الدهر حَيْنَا

ولئن كان البطين ضخماً مخيفاً، فإنه كان له من رقّة القلب ما جعله يقول في الحب والغزل بالمحبوب شعراً رقيقاً حارّاً، وقد عبّر في غزله عن معانٍ قلّما يرزق الشاعر مثلها، كما يقول ابن المعتز، ومن شعره في الغزل:
لله قــلـــب ســـمـــا بـحـبّــكُــمُ
لـم يـأل فــي مرتـقـاهُ مُرْتَفَـعا

لم يضـعِ الحـبَّ غيـر موضعـه
ولا سعى في السلُوِّ حين سعى

ىأحـبـبـتُ قـلـبـي لـمّــا أحـبَّـكُـمُ
وصــار أمــري لأمـــره تـبـعـا

شيّـعـتُ قلـبـي إلــى مشيـئـتـه
متَّبِـعـاً فــي الـهــوى ومُتَّـبَـعـا

وكما اختلفت كتب التراجم في اسمه، فإنها اختلفت في وفاته أيضاً. قال بعضها إن البطين خرج إلى مصر، فانخسفت به بئر في الاسكندرية فسقط فيها ومات. وقال بعضها الآخر إنه مات في (دير ميماس)، وهو دير قرب حمص على نهر العاصي، لم يبق ما يدل عليه في أيامنا الراهنة سوى اسم المكان الذي كان يقوم عليه .

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5