لا تصاحب إلا مؤمناً

لا تصاحب إلا مؤمناً

لا تصاحب إلا مؤمناً

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

لا تصاحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ... (رواه أبي داود)

• (شرح العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله ) •

[لا تصاحب إلا مؤمنا ] : لا تتخذ الفساق أصحاباً ، وإنما تتخذ الأخيار، أهل الصفات الحميدة ، أهل المحافظة على الصلوات ، الذين يحفظون ألسنتهم وجوارحهم عن محارم الله .

[ولا يأكل طعامك إلا تقي] : لا تدعو إلى طعامك إلا الأخيار لا تدعوا الفساق والكفار ، أما الضيوف فلهم شأن آخر ، الضيوف لا مانع من أن يقدم لهم الطعام ، وإن كانوا ليسوا أتقياء ، وإن كانوا فجاراً وإن كانوا كفاراً ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم عليه الضيوف من الكفرة وغير الكفرة فيطعمهم ويكرمهم تعريفاً لهم على الإسلام ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) فإكرام الضيف مأمور به شرعاً ولو كان غير مسلم ، وفي إكرامه دعوة إلى الإسلام ، وتوجيه له إلى الخير ليعرف محاسن الإسلام ومكارم الأخلاق ، أما أن تتخذ أصحاباً ليسو مسلمين يأكلون طعامك ويصحبونك فلا ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ، ونافخ الكير ، فحامل المسك أما أن يحذيك - يعني يعطيك - وإما أن تبتاع منه - يعني تشتري منه - وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، أما نافخ الكير فإما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة) ويقول عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله - يعني صاحبه - فلينظر أحدكم من يخالل) فالمؤمن ينظر في أصحابه وأخلائه ويختار الأخيار الطيبين أهل الصلاح ، أهل الاستقامة ، أهل السمعة الحسنة حتى يعينوه على طاعة الله ، وحتى يستشيرهم فيما يشكل عليه ، وحتى يتعاون معهم في الخير ، ولا يتخذ أهل الفسق والكفر أصحاباً وأولياء ؛ لأنهم يضرونه ويجرونه إلى أباطيلهم ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (لا تصاحب إلا مؤمناً ، ولا يأكل طعامك إلا تقي) يعني حسب الاستطاعة ، وفي الاختيار .

أما إذا هجم الضيف فإن الإنسان يكرم الضيف بما يليق بمقامه ، ويدعوه إذا كان فاجراً أو كافراً يدعوه إلى الخير ، ينصح له ، يدعوه إلى طاعة الله والاستقامة على دينه إن كان فاسقاً ، يدعوه إلى الإسلام إن كان كافراً ، وقد جاء وفد ثقيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وهم كفار، فأكرمهم ودعاهم إلى الله عز وجل حتى أسلموا ، فالضيف له شأن آخر. فالحاصل أن الشيء الذي ينهى عنه هو أن يتخذ الفاجر أو الكافر صاحباً وصديقاً يأكل طعامه ، ويزوره ويتزاور معه ونحو ذلك ، أما ما قد يعرض للإنسان من مجيء الضيف إليه أو اتصاله بغير مسلم من دعوته إلى الله ، أو لشراء حاجة منه ، فقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من الكفرة، واشترى من اليهود حاجات عليه الصلاة والسلام، وقد دعاه اليهود فأكل طعامهم ، وأحل الله لنا طعامهم ، فهذه أمور ينبغي أن يعلمها المؤمن.

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5