.. ثقافتنا في براغ..
- العادات والتقاليد الثقافه والتراث
- 27/5/2011
- 1526
- عبدالله الناصر- جريدة الرياض
يشعر المرء بالفخر، والاعتزاز حينما يرى ثقافته تمشي على قدميها وتتحرك داخل المعارض الدولية والعالمية.. وهذا ما شعرت به وأحسست به وأنا في معرض الكتاب الدولي ببراغ، والذي كانت المملكة فيه ضيف الشرف.. لقد سرت مع الناس هناك وأنا مرفوع الرأس حيث رأيت جموعاً كبيرة من الناس وهي تتزاحم وتتدافع بالمناكب حول معرض المملكة..
لقد رأيت كتبنا في أيدي الجماهير، تقرأ، وتتساءل وتستفسر وتطلب المزيد من المعرفة عن وطننا.. بل رأيتها تسأل، وتحاور، وتناقش، وكأنها ترى عالماً جديداً أو فتحاً جديداً.. رأيت الأعناق تتحلق على المجسمات، وبالذات مجسم الحرم المكي.. كان الناس مبهورين من ذلك المجسم الذي تشع منه أضواء مبهرة، ومتسقة، وبديعة وهم يسألون: ما هذا؟.. فيقال لهم ان هذا مسجد بناه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام!!
كانت قاعات المحاضرات السعودية ممتزجة بالمحاضرين التشيك، كانت المحاضرات بالتناوب. وكان هناك محاورون، هناك أناس يسألون وينفعلون، ويتفاعلون بل ويجادلون، وكان المحاضرون أكفياء يجيبون بثقة علمية مؤصلة، وهنا شعرت بامتزاج، وبمثاقفة حقيقية، بين ثقافتين، بين لغتين، بين شعبين.. شعب يتحدث من خلال محاضراته، وكتبه، ولوحاته وكل معروضاته، وشعب يصغي، ويتساءل وأحياناً يذهل فلا يصدق ما يرى ويسمع، فالصورة النمطية عن وطننا كانت صورة باهتة، بل وقاتمة.. والحديث عن ثقافتنا ما كان يقنع الأسماع والأذواق ولا العقول.. غير أن الأمر في معرض الكتاب كان متغيراً، وكأنه اكتشاف بالنسبة للشعب التشيكي، ومن ثم فقد كان هناك حشد إعلامي كبير حول فعاليات المعرض السعودي.. صحافة تغطي، وتلفزيون ينقل، وأساتذة جامعات تشيكية يعلقون، ويتفاعلون، وكان هذا التتويج الإعلامي كمن في زيارة الرئيس التشيكي لمعرض المملكة، حيث سار في الجناح والتقى وزير التعليم العالي ودار حوار طويل حول الثقافة السعودية، والحضارة العربية، والطلبة الدارسين في التشيك، إلى جانب التفاته إلى المعروضات والكتب السعودية المترجمة إلى التشيكية، حيث أخذ يقرأ ويتصفح ويطلب كتباً بعينها.
* * *
أتصور أن مثل هذا الحراك العلمي، والثقافي وعلى هذا المستوى الرفيع من المهنية والعلمية هو السبيل إلى نقل ثقافتنا إلى الخارج، والتفاعل مع الشعوب التي أصبح من ضرورات الحياة التثاقف معها والتعارف معها، وبالذات تلك الدول المؤثرة، والتي يتواجد بها طلبة سعوديون، فالطلبة إذا أحسن توجيههم فإنهم وسائل إعلام متحركة، وإذا كان لدينا اليوم ما يربو على مائة ألف طالب مبتعث فهذا يعني ان لدينا مائة ألف وسيلة إعلام.. وهذا لا يعني مطلقاً التداخل أو التنازع في العمل الثقافي فالأضواء لا تتزاحم والهدف هو رفعة سمعة المملكة ونشر وعيها وثقافتها على كل الأصعدة.. ولاشك أن لوزارة الثقافة والإعلام دوراً في هذا الحراك فقد كان نشاطها واضحاً أيضاً في تغطية هذه الفعاليات..
* * *
أعود وأقول إن وزارة التعليم العالي ووزيرها النشط تلعب دوراً مهماً في التواصل المعرفي والعلمي من خلال الطلبة المبتعثين، والتواصل الجامعي الدؤوب مع الجامعات الأخرى في العالم التي يتواجد فيها هؤلاء الطلبة، إلى جانب الأنشطة والمعارض الدولية ذات الصبغة الأكاديمية والثقافية.. ولابد من الإشادة في الواقع بإدارة التعاون الدولي في الوزارة التي أثبتت قدرة في التنظيم وبراعة في الأداء، ولقد رأيت العاملين بها داخل المعرض وكأنهم خلية نحل حتى روي عن أحد التشيكيين قوله: انهم سعوديون يعملون بالطريقة اليابانية.. ولابد من الإشادة بجهود السفير السعودي وأعضاء سفارته، فقد كان السفير متواجداً بفعالية ونشاط يشارك في المحاضرات، ويتواصل مع العاملين والجمهور ولم يكن من الذين يكتفون بالزيارة الشرفية الخاطفة للتحلل من المسؤولية إذ يكون عسيراً عليهم البقاء والمشاركة فيعوضون ذلك بالتصريحات الفارغة من مكاتبهم.. كما كان للملحقية بالنمسا دورها الفاعل في هذا النجاح..
خلاصة القول ان شيئاً مبهجاً حدث لثقافتنا في براغ وان احتفاء مبهجاً حدث لهذه الثقافة من تغطية الإذاعة والتلفزيون والصحافة التشيكية.. فلنتواصل فالثقافة والمعرفة هما الطريق الحقيقي إلى وعي وعقول وقلوب الناس>