الخمار الأسود
- القصص والروايات
- 4/4/2017
- 1640
- منقول للكاتب خالد فهد الشدي
الخمار الأسود
كان هناك رجل في أسواق المدينة المنورة يبيع الخُمر ( جمع خمار) ، وهو غطاء تغطي به المرأة وجهها ، وأثناء تجارته باع جميع ألوان الخمر الموجودة إلا لوناً واحداً وهو اللون الأسود ، فحزن حزناً شديدً ، إذ أنه اعتبر بضاعته هذه بضاعة كاسدة وأنه سيخسر ، فرآه أحد العُباد كان شاعراً يتغنى بالشعر قبل توبته وهو ( الدارمي) وسأله مابالك حزيناً ؟ فشرح له قصته ، فقال له سأعطيك هذه الأبيات وأنشدها في السوق وسترى مايحدث ، وكانت هذه الأبيات على النحو التالي :
قل للمليحة في الخمار الأسود * ماذا صنعت بزاهد متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه ** حتى وقفت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه ** لاتقتليه بحق دين محمد
فأنشدها وسمعها الرجال وأخبروا نساءهم في البيوت بتلك الأبيات التي تردد ، فتعجب النساء أن العابد قد فتن بمرأة ذات خمار أسود ، وهذا اللون من الخمار لم يكن متعارف على لبسه آنذاك ، وتمنوا أنهن تلك الفتاة التي فتنت العابد وتأثر بخمارها الأسود ، فبيعت جميع تلك الخمر السوداء ، فلما تيقن الدارمي أن جميع الخمر التي عند صاحبه قد بيعت ترك الشعر وعاد لزهده وتنسكه ولزم المسجد ، ومنذ ذلك الوقت حتى وقتنا الحاضر والنساء يرتدين الخمار الأسود ، ولم يقتصر هذا على نساء المدينة فحسب بل قلدهن جميع الأقطار الإسلامية آنذاك ، وبهذا يكون الدارمي هو صاحب أول إعلان تجاري في العالم أجمع .
هذه القصة اختصرت الكثير في مقالتي هذه وما أريد الحديث عنه ، فمعظم الإعلانات التجارية في الوقت الحالي على هذا النمط ، ربما لاتكون السلعة ذات قيمة أو جودة عالية عن غيرها ، فتستعين هذه الشركة أو تلك بالمشاهير في ترويج إعلان لها ليجذبوا معجبيهم ومقلديهم لاقتنائها ، وانظر إلى كل تلك الإعلانات وستجد نفس مافعله الدارمي في قصته مع الخمار.
فالإعلانات التجارية المزيفة لاتدلك بصدق على المنتج الجيد في اغلب الأحيان ، فنسمع مثلاً في بعض الإعلانات كلاماً يخالف الواقع ، فالبعض يطلق في إعلانه عبارة أسعارنا تبدأ بـ (99) ريال فقط فتغريك هذه العبارة متوقعاً أن أسعارهم (99) ريال فقط لكل ماتريد ، وهي عبارة صحيحة لغوياً ، فهي تبدأ ب (99) ريال ولكنها لاتنتهي بها ، وربما تكون عكس الذي رغبت بشرائه ، فتذهب وتجد مجموعة كبيرة من الأسعار فتحتار ثم تختار الأنسب لك منها ، فكان هذا الإعلان هو مجرد إغراؤك للذهاب إليهم فقط ومن ثم الوقوع في الفخ .
وانتشرت في الفترة الأخيرة بكثرة إعلانات مشاهير مواقع التواصل (السناب شات ) وللأسف أن الغالبية العظمى منهم يسوقون لإعلانات ولايهتمون بجديتها في العرض والتسويق ، وهدفه الأساسي كسب مبلغ من وراء هذا الإعلان فقط ، وأغلبهم يسوقون لإعلانات مضللة وهي الإعلانات الغير مباشرة ، ومضمونها أن يذهب مثلاً لعزيمة في مطعم معين وكأنها صدفة وكأنها هي الزيارة الأولى له ويتعجب من فخامته وخدمته وأسعاره ، ويقول ( بالنسبة للي سأل عن المطعم اسمه كذا وعنوانه كذا وبصراحة أعجبني) فيكون هذا إعلان غير مباشر للمطعم وهو باتفاق مسبق بينهم ، هذا النوع من الإعلان يسمى في أمريكا بالإعلان المضلل ويعاقب عليه القانون ، حيث يجب على المشاهير أن يوضحوا لمتابعيهم أنهم سيقومون بإعلان عن شيء ما كحق من حقوقهم .
قد أكون مخطئاً نوعاً ما في طرحي ، ولكن لا أظن أني كنت مبالغاً.
ودمتم بود .