لفظ (يوم) في القرآن

لفظ (يوم) في القرآن

 

لفظ (يوم) في القرآن

لفظ (اليوم) يُعبَّر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها. وقد يُعَبَّر به عن مدة من الزمان، أي مدة كانت، قال تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان} (آل عمران:155). ويوم أيوم: أي يوم شديد، مثل ليل أليل: أي شديد الظلمة. وياومه يواماً ومياومة: عامله لليوم. ويركب يوم مع (إذ)، فيقال: يومئذ، نحو قوله عز وجل: {فذلك يومئذ يوم عسير} (المدثر:9).

ولفظ (يوم) ورد في القرآن الكريم في اثنين وسبعين وأربعمائة موضع (472) ورد في جميع مواضعه بصيغة الاسم الدال على الزمان، ولم يأت بصيغة الفعل في القرآن الكريم، وأكثر تكرار له ورد بصيغة المفرد المعرف {اليوم} ورد في ثمانية وأربعين وثلاثمائة موضع (348)، وورد بصيغة الجمع في سبع وعشرين موضعاً، من ذلك قوله عز وجل: {واذكروا الله في أيام معدودات} (البقرة:203)، وورد بصيغة التثنية في ثلاثة مواضع، منها قوله تعالى: {فقضاهن سبع سماوات في يومين} (فصلت:12)، وورد مضافاً إلى (إذ) في ثمانية وستين موضعاً، منها قوله تعالى: {يومئذ تحدث أخبارها} (الزلزلة:4)، وورد مضافاً إلى {القيامة} في واحد وسبعين موضعاً، منها قوله عز وجل: {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة} (الزمر:60).

ولفظ (يوم) ورد في القرآن الكريم مضافاً إلى أمور عديدة؛ فورد مضافاً إلى (الظلة) من ذلك قوله عز وجل: {فأخذهم عذاب يوم الظلة} (الشعراء:189)، وورد مضافاً إلى (عصيب) وذلك في قوله تعالى: {وقال هذا يوم عصيب} (هود:77)، وورد مضافاً إلى (عظيم) وذلك في قوله تعالى: {إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} (الأنعام:15)، وورد مضافاً إلى غير ذلك من الأوصاف والأسماء.

ولفظ (يوم) ورد مقترناً بأسماء يوم القيامة وصفاتها في مواضع عديدة في القرآن الكريم، نحو قوله سبحانه: {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} (غافر:17)، وقوله تعالى: {يوم يناد المناد من مكان قريب} (ق:41)، وقوله عز وجل: {وأنذرهم يوم الحسرة} (مريم:39)، وقوله تعالى: {وأنذرهم يوم الآزفة} (غافر:18)، وقوله سبحانه: {يوم ترجف الراجفة} (النازعات:6)، فكل هذه أسماء وصفات ليوم القيامة.

وذكر بعض أهل التفسير أن لفظ {اليوم} في القرآن الكريم ورد على ثمانية أوجه:

الأول: يوم من أيام الآخرة، ومنه قوله عز وجل: {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} (الحج:47)، روى الطبري عن مجاهد في قوله سبحانه: {وإن يوما عند ربك كألف سنة} قال: من أيام الآخرة.

الثاني: يوم من أيام الدنيا، وهو قوله سبحانه: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم} (السجدة:5) أي: من أيام الدنيا، روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم} قال: من أيامكم هذه، مسيرة ما بين السماء إلى الأرض خمسمائة عام، ومثل هذا مروي عن قتادة وعكرمة. وفي الآية أقوال أخر ذكرها الطبري، ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار ذلك اليوم في عروج ذلك الأمر إليه، ونزوله إلى الأرض ألف سنة مما تعدون من أيامكم، خمسمائة في النزول، وخمسمائة في الصعود؛ لأن ذلك أظهر معانيه، وأشبهها بظاهر التنزيل".

الثالث: يوم القيامة، وهو كثير في القرآن الكريم، من ذلك قوله عز وجل: {فاليوم لا تظلم نفس شيئا} (يس:54)، المراد: يوم القيامة. ونحوه قوله تعالى: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} (يس:55). ونحوه أيضاً قوله سبحانه: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (الأنبياء:47).

الرابع: اليوم بمعنى (الحين)، من ذلك قوله عز وجل: {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} (مريم:15)، يعني: حين ولد. ومنه أيضاً قوله تعالى: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} (النحل:80)، أي: حين سفركم وحين إقامتكم. ومن هذا القبيل قوله سبحانه: {وآتوا حقه يوم حصاده} (الأنعام:141)، أي: أدوا زكاة زروعكم حين حصادها وقطافها.

الخامس: يوم غلبت الرومُ فارس، وذلك قوله عز وجل: {ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله} (الروم:4-5)، روى الطبري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: التقينا مع محمد رسول صلى الله عليه وسلم ومشركي العرب، والتقت الروم وفارس، فنصرنا الله على مشركي العرب، ونصر الله أهل الكتاب على المجوس، ففرحنا بنصر الله إيانا على المشركين، وفرحنا بنصر الله أهل الكتاب على المجوس، فذلك قوله: {ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله}.

السادس: اليوم يعني يوم طلوع الشمس من مغربها، جاء بحسب هذا المعنى قوله سبحانه: {يوم يأتي بعض آيات ربك} (الأنعام:158)، روى الطبري عن ابن مسعود رضي الله عنه، {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها} قال: طلوع الشمس من مغربها. وليس وفق هذا المعنى في القرآن غير هذه الآية.

السابع: اليوم بمعنى النِّقَم، جاء على ذلك قوله عز وجل: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} (الجاثية:14)، أي: قل يا محمد للذين صدقوا الله واتبعوك، يغفروا للذين لا يخافون بأس الله ووقائعه ونقمه، إذا هم نالوهم بالأذى والمكروه. وروى الطبري عن مجاهد في قول الله تعالى: {قل للذين لا يرجون أيام الله} قال: لا يبالون نِعَم الله، أو نِقَم الله. وليس على هذا المعنى في القرآن غير هذه الآية.

الثامن: اليوم بمعنى النِّعم، جاء على ذلك قوله تعالى: {وذكرهم بأيام الله} (إبراهيم:5)، روى الطبري عن مجاهد: {وذكرهم بأيام الله}، قال: بأنعم الله. وليس بحسب هذا المعنى في القرآن غير هذه الآية. قال بعض أهل العلم: وإضافة (الأيام) إلى الله تعالى تشريف لأمرها؛ لما أفاض الله عليهم من نعمه فيها.

والمتحصل، أن لفظ (اليوم) كَثُر وروده في القرآن الكريم، وأكثر ما ورد مضافاً إلى (القيامة) أو اسم من أسمائها، أو صفة من صفاتها، وورد بدرجة تالية مضافاً إلى أمور أُخر (عظيم، عصيب، الظلة...)، وورد بدرجة أقل مراداً به يوم من أيام الآخرة، وورد مراداً به يوم من أيام الدنيا، وورد في بضعة مواضع بمعنى (الحين)، وورد مراداً به انتصار الروم على فارس في موضع واحد، وورد بمعنى يوم طلوع الشمس من مغربها في موضع واحد، وورد بمعنى (النِّعم) في موضع واحد، ومثله بمعنى (النِّقم .

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5