وين الرفيق اللي على السد ماثوق
- مفالات صحفيه (منقوله)
- 18/6/2016
- 3282
- منقول للكاتب صلاح الزامل جريدة الرياض
وين الرفيق اللي على السد ماثوق
لا ضاق صدري فرّج الهم عني
بيت مشهور على ألسنة العامة وبالبحث في الكتب والمراجع وجدنا أن هذا البيت المشهور هو مطلع قصيدة جيّدة وقوية غزلية للشاعر راعي الصفرة إبراهيم بن سلامة، ذلك الرجل الذي ولد وعاش في بلدته الصفرة وتوفي فيها ولعله من مواليد أوائل القرن الرابع عشر الهجري أو قبله بقليل وهو شاعر فحل يدل على ذلك قصيدته الرائعة التي يبث فيها شكواه والمعاناة التي واجهها في حياته، وهي معاناة غزلية كشف عنها وأبان مكنونها في قصيدته هذه واصفاً هذه المحبوبة بأوصاف في غاية الجمال كما هي عادة الشعراء وأن محبوبته فاقت جميع النساء بالصورة الفائقة والحسن المتناهي الأوصاف، والنص الشعري كما قلت متماسك الألفاظ قوي البنية ومسبوك سبكاً جيّداً، فابن سلامة رحمه الله مع أن القصيدة غزلية وفيها معاناة إلا أن الشاعر كان متضايقا ممن حوله ممن يتظاهر بالصداقة والرفقة الصادقة وهو يبطن السوء وخبث الطوية، ولعل الشاعر ابن سلامة كان يثق بأحد هؤلاء الذين ظاهرهم الود والمحبة والابتسامة، إلا أنه قد أسر له ابن سلامة بعض أسراره الخاصة المتعلقة ببعض المعاناة واثقاً فيه كل الثقة ولكن الحقيقة انكشفت أن هذا الشخص ليس إلا عدو في لباس الصديق وهو ما عبر عنه ابن سلامة في هذا البيت وهو قوله:
وين الرفيق اللي على السد ماثوق
لا ضاق صدري فرّج الهم عني
خطر على يملق الحكي بزلوق
في الوجه يضحك والقفا يمتحني
ويعني أن هذا الشخص يزخرف لي القول ويحسنه بصيب المقال وهو مخادع لي وهو أخطر شيء علىّ، بل هو أخطر من العدو لأن العدو ظاهر العداوة أما هذا الشخص فهو يتظاهر بالمحبة وهو يحضر لي بالمكر والخبث ثم في البيت الذي يليه يعظ ابن سلامة هذا الشخص وأمثاله من المنافقين أن الله سيحاسبه وان هذا ذنب ولكنها بلوى من البلاوي التي أصيبت بها.
ويؤكد ابن سلامة من خلال قصيدته إلى من صفا له صديق مخلص فأنت مسبوق أي حزت شيئاً لا يقدر بثمن وهو قوله :
وترى ان صفا لك واحد فأنت مسبوق
لزما ... لزوم وانقل العلم ... عني
ولذلك كانت قصيدة ابن سلامة قلقة نحو الصديق والأصدقاء وأنهم نادرون بدليل المطلع القوي والاستهلال الرائع حيث يستفهم استفهاما إنكاريا أين أجد الصديق الذي أبث إليه شكواي وأسراري حتى اخفف الحمل الثقيل الذي في صدري.
وأصبح هذا البيت خالداً منقوشاً في ذاكرة الناس وقد ختم ابن سلامة قصيدته ببيت من الحكمة وهو:
الطير ما يكفخ وهو ماله سبوق
وترا الفدامة كل ... هرجه تمني
يقول إن الطير لا يصيد لصحابه وهو لم يدربه على الصيد من أجل أن يصيد لصاحب الطير، ثم الشطر الثاني هو كذلك حكمة فالفدامة الرجل التافه الخامل الذي يقول ولا يفعل. والقصيدة هي من رواية شيخ الرواة محمد بن يحيى رحمه الله في مخطوطته "لباب الأفكار" وقد هاتفت حفيد الشاعر إبراهيم بن سلامة قبل عشر سنوات وهو الأستاذ محمد بن سلامة وقال إن جده إبراهيم توفي سنة المرض الذي حل بنجد والجزيرة عام 1337هـ وهلك من جرائه الكثيرون رحمه الله تعالى ورحم من مات في تلك السنة من المسلمين والمسلمات وكتب لهم اجر الشهادة.
وهذه هي القصيدة:
وين الرفيق اللي على السد ماثوق
ليا ضاق صدري فرج الهم عني
لو اتكبرّ عند نفسي وأبا موق
كان اتعرض ذم عمري تعني
خطر على اللي يملق الحكي بزلوق
في الوجه يضحك والقفا يمتحني
هو ما درا ان العبد بالذنب ماسوق
بلوى ولو صديت ما صد عني
قل للعذارى لا يهابن من السوق
ما في شي يجفل القلب مني
حلفت لو يمشن مفاريع ودلوق
ما يحترك لو ما تغطن عني
الاغزال يشعف القلب زملوق
كن القمر في حجرها مستكني
والردف كنه شط وضحاً من النوق
مارددوها .... كل يوم .... تحني
إلى عاد زين فاخر وحسن منطوق
ومع زينتها عجابةٍ وصغر سني
واعيون نجل شوفهن يسحر الموق
يضيع ما بالكف لي لجلجني
عليه قلبي ما بقافيه معلوق
واليوم عيّا خاطري يرجهني
يا ليت صدري مقفل مثل صندوق
ما ودّي ان الهرج مبداه مني
بالك تذير لا تعورك مخلوق
وليا فعلت الجود بالك تمني
وبالك طريق الظن والظن ممحوق
كم واحد بالكذب والمكر زني
وترا ان صفا لك واحدٍ فانت مسبوق
لزما لزوم ... وانقل العلم ... عني
من صاحب لي صبّت نساه مزنوق
ليا صار لا منها ولا هيب مني
يا شيب عيني لا نطحني مع السوق
لكن جلدي .... طابقه جلد ... جني
اضحك وأنا قلبي من الغيض مدفوق
وعساي ما اعاقب على سو ظني
الطير ما يكفخ وهو ماله سبوق
وترا الفدامة .... كل هرجه تمني