وقفة مع الاستغفار

وقفة مع الاستغفار

 

وقفة مع الاستغفار

الاستغفار هو طلب المغفرة ،

والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها ،

أي أن الله يستر على العبد فلا يفضحه في الدنيا

ويستر عليه في الآخرة فلا يفضحه في عرصاتها ويمحو عنه عقوبة ذنوبه بفضله ورحمته .

وكثيرًا ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة

فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان ،

والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلب والجوارح .

وقد ورد في حديث أنس أهم الأسباب التي يغفر الله بها الذنوب ، فقال ـ

ـ قال الله تعالى : " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ،

يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ،

يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئـًا لأتيتك بقرابها مغفرة "

(رواه الترمذي) .

وقد تضمن هذا الحديث ثلاثة أسباب من أعظم أسباب المغفرة :

أحدها : الدعاء مع الرجاء : فإن الدعاء مأمور به موعود عليه بالإجابة، فالدعاء سبب مقتض للإجابة مع استكمال شرائطه وانتفاء موانعه،

ومن أعظم شرائطه حضور القلب ورجاء الإجابة من الله تعالى ،

فمن أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنب ذنبـًا لم يرج مغفرة من غير ربه ، ويعلم أنه لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره

فقوله : " إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي "

يعني على كثرة ذنوبك وخطاياك ، ولا يتعاظمني ذلك ولا أستكثره .

فذنوب العباد وإن عظمت فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها .

الثاني : الاستغفار :

فلو عظمت الذنوب وبلغت الكثرة عنان السماء ـ وهو السحاب ، وقيل : ما انتهى إليه البصر منها ـ ثم استغفر العبد ربه ، فإن الله يغفرها له .

الثالث : التوحيد :

وهو السبب الأعظم ومن فقده حُرِمَ المغفرة ، ومن أتى به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة .

قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)(النساء/166) ،

قال ابن القيم ـ ـ في معنى قوله : " يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئـًا لأتيتك بقرابها مغفرة"

يُعْفَى لأهل التوحيد المحض الذي لم يشوبوه بالشرك ما لا يعفى لمن ليس كذلك ،

فلو لقى الموحد الذي لم يشرك بالله ألبتة ربه بقراب الأرض خطايا أتاه بقرابها مغفرة ،

ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده ، فإن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب ؛

لأنه يتضمن من محبة الله وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب ،

ولو كانت قراب الأرض ، فالنجاسة عارضةٌ ، والدافع لها قوي ،

ولكن هذا مع مشيئة الله ، فإن شاء غفر بفضله ورحمته ،

وإن شاء عذب بعدله وحكمته ، وهو المحمود على كل حال .

فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى الله محبة وتعظيمـًا وإجلالاً ومهابة وخشية ورجاء وتوكلاً ،

وحينئذٍ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر ، وربما قلبتها حسنات.

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5