وقفة مع الاستغفار
- القسم الاسلامي
- 5/6/2016
- 1597
وقفة مع الاستغفار
الاستغفار هو طلب المغفرة ،
والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها ،
أي أن الله يستر على العبد فلا يفضحه في الدنيا
ويستر عليه في الآخرة فلا يفضحه في عرصاتها ويمحو عنه عقوبة ذنوبه بفضله ورحمته .
وكثيرًا ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة
فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان ،
والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلب والجوارح .
وقد ورد في حديث أنس أهم الأسباب التي يغفر الله بها الذنوب ، فقال ـ
ـ قال الله تعالى : " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ،
يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ،
يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئـًا لأتيتك بقرابها مغفرة "
(رواه الترمذي) .
وقد تضمن هذا الحديث ثلاثة أسباب من أعظم أسباب المغفرة :
أحدها : الدعاء مع الرجاء : فإن الدعاء مأمور به موعود عليه بالإجابة، فالدعاء سبب مقتض للإجابة مع استكمال شرائطه وانتفاء موانعه،
ومن أعظم شرائطه حضور القلب ورجاء الإجابة من الله تعالى ،
فمن أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنب ذنبـًا لم يرج مغفرة من غير ربه ، ويعلم أنه لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره
فقوله : " إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي "
يعني على كثرة ذنوبك وخطاياك ، ولا يتعاظمني ذلك ولا أستكثره .
فذنوب العباد وإن عظمت فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها .
الثاني : الاستغفار :
فلو عظمت الذنوب وبلغت الكثرة عنان السماء ـ وهو السحاب ، وقيل : ما انتهى إليه البصر منها ـ ثم استغفر العبد ربه ، فإن الله يغفرها له .
الثالث : التوحيد :
وهو السبب الأعظم ومن فقده حُرِمَ المغفرة ، ومن أتى به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة .
قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)(النساء/166) ،
قال ابن القيم ـ ـ في معنى قوله : " يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئـًا لأتيتك بقرابها مغفرة"
يُعْفَى لأهل التوحيد المحض الذي لم يشوبوه بالشرك ما لا يعفى لمن ليس كذلك ،
فلو لقى الموحد الذي لم يشرك بالله ألبتة ربه بقراب الأرض خطايا أتاه بقرابها مغفرة ،
ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده ، فإن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب ؛
لأنه يتضمن من محبة الله وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب ،
ولو كانت قراب الأرض ، فالنجاسة عارضةٌ ، والدافع لها قوي ،
ولكن هذا مع مشيئة الله ، فإن شاء غفر بفضله ورحمته ،
وإن شاء عذب بعدله وحكمته ، وهو المحمود على كل حال .
فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى الله محبة وتعظيمـًا وإجلالاً ومهابة وخشية ورجاء وتوكلاً ،
وحينئذٍ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر ، وربما قلبتها حسنات.