قصص من فراسة السلف

قصص من فراسة السلف

 

قصص من فراسة السلف

قال عبد الله بن سلمة المرادي: "نظر عمر بن الخطاب إلى الأشتر، فصعّد فيه النظر وصوّبه، ثم قال: إن للمسلمين من هذا يوماً عصيباً. فملك الأشتر العرب. وكان جباراً سفاحاً.

ودخل رجل على عثمان بن عفان رضي الله عنه -وقد رأى امرأة في الطريق، فتأمل محاسنها- فقال له عثمان : "يدخل عليّ أحدكم، وأثر الزنى ظاهر على عينيه؟!"، فقال الرجل: "أوحيٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، فقال: "لا، ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة".

وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "أفرس الناس ثلاثة: العزيز في يوسف عليه السلام، حيث قال لامرأته: {أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} (يوسف:21)، وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى عليه السلام: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} (القصص:26)، وامرأة فرعون حين قالت: {قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} (القصص:9)، وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما، حيث استخلفه".

وقال الحارث بن مرة: "نظر إياس بن معاوية إلى رجل فقال: هذا غريب، وهو من أهل واسط، وهو معلّم، وهو يطلب عبداً له آبق، فوجدوا الأمر كما قال، فسألوه فقال: رأيته يمشي ويلتفت فعلمت أنه غريب، ورأيته وعلى ثوبه حمرة تربة واسط ، فعلمت أنه من أهلها، ورأيته يمر بالصبيان فيسلم عليهم ولا يسلم على الرجال فعلمت أنه معلّم، ورأيته إذا مرّ بذي هيئة حسنة لم يلتفت إليه، وإذا مرّ بذي ملابس رثّة تأمله، فعلمت أنه يطلب عبدا آبقا".

وذكروا عن المنصور أن رجلاً جاءه، فأخبره أنه خرج في تجارة فكسب مالاً، فدفعه إلى امرأته، ثم طلبه منها، فذكرت أنه سرق من البيت ولم ير نقباً ولا علامة على ذلك، فقال المنصور: "منذ كم تزوجتها؟"، قال: "منذ سنة"، قال: "بكراً، أو ثيبا؟"، قال: "ثيباً"، قال: "فلها ولد من غيرك؟"، قال: "لا"، فدعا له المنصور بقارورة طيب كان حاد الرائحة وغريب النوع، فدفعها إليه وقال له: "تطيّب من هذا الطيب؛ فإنه يذهب غمّك". فلما خرج الرجل من عنده قال المنصور لأربعة من ثقاته: "ليقعد على كل باب من أبواب المدينة واحد منكم، فمن شمّ منكم رائحة هذا الطيب من أحد فليأت به"، وخرج الرجل بالطيب فدفعه إلى امرأته، فلما شمّته بعثت منه إلى رجل كانت تحبه، وقد كانت دفعت إليه المال، فتطيّب من العطر، ومرّ مجتازا ببعض أبواب المدينة، فشمّ الموكّل بالباب رائحته عليه فأتى به المنصور، فسأله: "من أين لك هذا الطيب؟"، فلجلج في كلامه، فدفعه إلى والي الشرطة، فقال: "إن أحضر لك كذا وكذا من المال فخلّ عنه وإلا اضربه ألف سوط"، فلما جرّدوه للضرب أحضر المال على هيأته، فدعا المنصور صاحب المال، فقال: "أرأيت إن رددت عليك المال، تحكّمني في امرأتك؟"، قال: "نعم"، فقال له المنصور: "هذا مالك، وقد طلقت المرأة منك".

وقال أبو علي التنوخي: "بلغني عن المعتضد أنه كان جالساً في بيت يُبنى له، فرأى فيهم غلاماً أسود منكر الخلقة يصعد السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعف ما يحمله غيره، فأنكر ذلك وطلبه، وسأله عن سبب ذلك، فتلجلج فكلمه ابن حمدون فيه وقال: من هذا حتى صرفت فكرك إليه؟ قال: قد وقع في خلدي أمر لا أحسبه باطلاً. ثم أمر به فضُرب مئة وتهدده بالقتل، ودعا بالنطع والسيف، فقال الغلام: الأمان الأمان؛ أنا أعمل في الفرن، فدخل من شهور رجل معه دنانير فأخرجها، فوثبت عليه وسددت فاه وكتفته وألقيته في الأتون -والذهب معي- يقوى به قلبي. فأخذ منه المعتضد الكيس الذي فيه الدنانير، وإذا على الكيس اسم صاحبه، فنودي في البلد عن صاحب الكيس، فجاءت امرأة فقالت: هو زوجي ولي منه طفل. فسلّم الذهب إليها، وقتل ذلك الغلام".

 

Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

عدد المقيّمين 0 وإجمالي التقييمات 0

1 2 3 4 5