الزيادة في حوالات العمالة
- مفالات صحفيه (منقوله)
- 1/5/2011
- 1622
الزيادة في حوالات العمالة الوافدة.. استنزاف للاقتصاد الوطني
نلاحظ من أرقام التحويلات التي ينفذها الوافدون في البنوك السعودية، أن حوالات العمالة الوافدة في ازدياد ملحوظ، وإن هذه الزيادة من شأنها أن تلحق - في المستقبل -أضرارا بالغة بالاقتصاد الوطني.
وإذا كانت الحكومة تنتظر من المواطنين أن يساعدوا طواعية في خفض معدلات الاستقدام، فإن هذا أمل بعيد المنال، بل المرجح أن يزداد الطلب على العمالة بمختلف مستوياتها، وبالذات العمالة في المستويات الدنيا.
ولذلك، نحن نحتاج إلى سياسة عامة للاستقدام تصممها وزارة العمل وتصدر بمرسوم ملكي، وتكون من أهم أهدافها خفض الاستقدام وتقنينه بدلا من مجموعة مبعثرة وضائعة من التعليمات والقرارات.
إن مستوى المعيشة للمواطن السعودي بدأ يرتفع، وإن ارتفاع مستوى المعيشة سيؤدي إلى زيادة الطلب على العمالة المنزلية، كما أن زيادة الاعتمادات في مشاريع الإسكان والطرق وبناء المدارس والكليات والمستشفيات ستؤدي إلى مزيد من الطلب على العمالة في كل المستويات، والتي وصلت حتى الآن إلى نحو 90 في المائة من حجم العمالة في قطاع الإنشاء والتعمير ونحو 85 في المائة في قطاع التجزئة و75 في المائة في قطاع الصناعة.
وفي الوقت الذي كان الأمل أن يحدث تخفيض في معدلات الاستقدام، فإننا سنشهد زيادة وزيادة ملحوظة في معدلات الاستقدام في السنوات القليلة المقبلة.
وإذا كانت عيوب الاستقدام - كما نعرفها - كثيرة، فإن أكثر العيوب ضررا في المراحل الحالية هي الزيادة الملحوظة في حوالات العمالة الأجنبية التي ارتفعت نسبتها خلال ثلاث سنوات إلى 50 في المائة، وهذا من شأنه أن يلحق أضرارا بالغة بالاقتصاد الوطني.
وأنا هنا أحيل القارئ الكريم إلى جملة التصريحات التي أطلقها الدكتور سعيد الشيخ عضو مجلس الشورى، والتي جاء فيها: إن ارتفاع معدل التحويلات المالية للعمالة الوافدة خلال السنوات القليلة الماضية يأتي نتيجة ازدياد العمالة الوافدة في المملكة، خصوصا الزيادة الكبيرة التي حدثت بين عامي 2005 و2009 نتيجة العدد الكبير من مشاريع التنمية التي تنفذ حاليا في جميع أنحاء المملكة والتي تتطلب استقدام عمالة وافدة من الخارج؛ ولذلك ارتفعت التحويلات إلى نحو 95 مليار ريال في عام 2009 بخلاف الأموال التي يحملها معهم المغادرون أو الزائرون كأموال نقدية، وقد يكون هناك مبالغ أخرى نتيجة لما تحمله العمالة عند مغادرة البلاد، ولا ننسى أن هناك زيادة في أجور العمالة الوافدة والتي صاحبت الزيادة في أجور السعوديين، وأضاف الشيخ قائلا: إن تحويل الأموال يعني تسريبا للأموال من داخل الاقتصاد في صورة هذه الحوالات المالية، وأوضح الشيخ في حديثه عن حوالات العمالة الوافدة: إن السعودية تعتبر في المرتبة الثانية عالميا من حيث الحوالات المالية للعمالة الوافدة مقارنة بالناتج المحلي، وقال: في ظروف ارتفاع مستويات العوائد النفطية نلاحظ أن الميزان التجاري يحقق فوائد نتيجة ارتفاع قيم الصادرات النفطية وغير النفطية، وحينذاك لن تكون التحويلات المالية للعمالة الوافدة مؤثرة بشكل كبير، لكن إذا ما تغيرت أوضاع السوق النفطية، وتغيرت - بالتالي - أسعار النفط، وحينما لا تصل العائدات النفطية إلى مستوى أسعار اليوم، فإنها قد تسبب الحوالات المالية للوافدين عجزا في الميزان التجاري، وأضاف عضو مجلس الشورى في تصريحه المهم قائلا: نحن أمام قضية هيكلية متعلقة بسوق العمل، ونؤكد بأن هناك ضرورة للمعالجة وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وزيادة الاعتماد على العمالة السعودية لخفض معدلات البطالة وخفض حوالات العمالة الوافدة إلى الخارج.
الكلام واضح وصريح بضرورة الإمساك عن الهرولة إلى الاستقدام كوسيلة من وسائل تنفيذ المشاريع، وإذا كان واجب الحكومة أن تشد لجام الاستقدام، فإن من أوجب واجبات المواطن أن يساعد الحكومة في خفض معدلات الاستقدام، وفي تقديري فإن خفض معدلات الاستقدام لن يتأتى إلاّ من خلال تطوير ثقافة العمل لدى المواطن السعودي، ولعل التدريب الذاتي يجب أن يحتل عند الشباب المكانة الأولى في برنامج طموحهم الشخصي.
إن تطوير ثقافة العمل لدى المواطن السعودي تبدأ من المواطن نفسه الذي يتطلع إلى ذاته ويبحث عن تحسين مهارته، وزيادة كفاءته، ويجب أن نعترف جميعا بأن السعودي يُنعت بضعف المهارة، ويُنعت بانخفاض الإنتاجية، ويُنعت بأنه إنسان غير منتج وغير منضبط.
إن زيادة تحويلات الوافدين قضية يجب أن نتحرك جميعا للحيلولة دون زيادتها؛ حتى لا تلحق أضرارا جسيمة باقتصادنا الوطني، وإن من أهم أسباب خفضها هو خفض معدلات استقدام العمالة من الخارج.
ونقول صراحة: إن المواطن السعودي في موقف لا يحسد عليه وأمامه - في سوق العمل - تحديات حقيقية، ولقد علت صيحات رجال الأعمال تشكو من تواضع مستوى العامل السعودي، وتطالب الشباب السعودي بأن يذهبوا إلى مراكز التدريب ليأخذوا قسطا كبيرا من الكفاءة والمهارة التي تعود عليهم وعلى الاقتصاد الوطني بالخير والفائدة.
إننا نؤكد جميعا بأن سوق العمل السعودي يشكو من عيوب هيكلية، وفي مقدمتها النقص الكبير في مهارة وكفاءة العامل السعودي، وليس أمام الإنسان السعودي إلاّ أن يشمر عن ساعديه ويتقدم بثقافة متجددة نحو سوق يتعطش إلى الكفاءة السعودية قبل الكفاءة الأجنبية.